Les Mawaqif
المواقف في علم الكلام
Chercheur
عبد الرحمن عميرة
Maison d'édition
دار الجيل
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1417 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
وقال غيره وهو القاضي الأرموي بجميع تصورات الأجزاء يحصل تصور واحد لجميع الأجزاء ومحصله على ما لخصه في بعض كتبه أن جميع الأجزاء وإن كانت نفس الماهية بالذات إلا أنهما يتغايران بالاعتبار فإنه قد يتعلق بكل جزء تصور على حدة فيكون هناك تصورات بعدد الأجزاء وقد يتعلق تصور واحد بجمع الأجزاء فمجموع التصورات المتعلقة بالأجزاء تفصيلا هو المعرف الموصل إلى التصور الواحد المتعلق بجميع الأجزاء إجمالا وليس في ذلك تقدم شيء على نفسه ولا شك أن المتبادر من هذه العبارة هو أنا إذا تصورنا كل واحد من الأجزاء حتى اجتمعت في ذهننا تصوراتها معا مرتبة يحصل لنا حينئذ تصور آخر مغاير لذلك المجموع المرتب متعلق بجميع الأجزاء هو تصور الماهية والوجدان يكذبه فلذلك قال والحق أن الأجزاء إذا استحضرت في الذهن مرتبة مقيدا بعضها ببعض حتى حصلت صورها فيه مجتمعة فهي فتلك الأجزاء المستحضرة المرتبة الماهية يعني أن تلك الصور المجتمعة تصور الماهية بالكنه بل عينها كما ستعرفه لا أن ثمة مجموعا من التصورات يوجب ذلك المجموع حصول شيء آخر في الذهن هو الماهية أي تصورها وتوضيحه أن صورة كل جزء مرآة يشاهد بها ذلك الجزء قصدا فإذا اجتمعت صورتان وتقيدت إحداهما بالأخرى صارتا معا مرآة واحدة يشاهد بها مجموع الجزءين قصدا ويشاهد بها كل واحد منهما ضمنا وهذا هو تصور الماهية بالكنه الحاصل بالإكتساب من تصوري الجزءين ومتحد معهما بالذات ومغاير لهما بالاعتبار على قياس حال الماهية بالنسبة إلى جميع أجزائها فالمعرف للماهية مجموع أمور كل واحد منها متقدم على الماهية وله مدخل في تعريفها وأما المجموع المركب منها الحاصل في الذهن فهو تصور الماهية المطلوب بالاكتساب الذي هو جميع تلك الأمور وترتيبها وما أحسن ما قيل حدست تصورات مجموع تصورات محدود وهذا المجموع وتعريفه للماهية في الذهن كالأجزاء الخارجية وتقويمها للماهية في في الخارج فإنها متقومة بجميع الأجزاء بمعنى أنه ما من جزء من الأجزاء الخارجة إلا وله مدخل في التقويم والكل أي جميع الأجزاء مجتمعا هو الماهية بعينها لا أنها تترتب عليه أي على جميع الأجزاء فكما أن جميع الأجزاء الخارجية المجتمعة عين الماهية واجتماعها فيه ليس جزءا منها بل خارجا عنها لازم لها كذلك جميع الأجزاء في الذهن عين الماهية واجتماعها فيه أمر خارج عنها لازم لها وكما أن كل واحد من الأجزاء الخارجية مقوم للماهية متقدم عليها في الخارج كذلك كل واحد من الأجزاء الذهنية مقوم لها متقدم عليها في الذهن ولما كان جواب القاضي محتملا لهذا المعنى أيضا لم يرد عليه جزما بل أشار بقوله والحق إلى أشعاره بما ليس حقا وستراه أي الإمام الرازي يطرد هذه المغلطة الثانية في نفي التركيب الخارجي عن بعض الأشياء بتغيير ما فيقول في نفي التركيب عن الوجود مثلا إن كانت أجزاؤه وجودات ساوى الجزء كله في تمام الماهية وإن كانت غير وجودات فإن لم يحصل عند اجتماعها أمر زائد كان الوجود محض ما ليس بوجود وإن حصل فذلك الزائد هو الوجود وتلك الأمور معروضاته لا أجزاؤه وأنت خبير بأن هذا لو تم لدل على انتفاء التركيب عن الوجود مطلقا سواء كان تركيبا خارجيا أو ذهنيا فالأولى أن لا يقيد التركيب بالخارجي إلاا أنه قيده به إشعارا بأن هذه المغلطة سفسطة لاستلزامها انتفاء التركيب عن الوجود مطلقا مع شهادة البديهة بتركيب بعض الأشياء في الخارج هذا أي هذا كما ذكرناه أو نختار أنه أي تعريف الماهية ببعض الأجزاء وقد يكون ذلك البعض غنيا عن التعريف بأن يكون تصوره ضروريا أو يكون معرفا بغيره إن كان تصوره نظريا وعلى التقديرين لا يلزم من تعريفه للماهية تعريفة لنفسه فما ذكر من أن معرف الماهية يجب أن يعرف جميع أجزائها باطل قطعا لا يقال لا بد أن يعرف شيئا من أجزائها وذلك إما نفسه أو غيره فيلزم أحد المحذورين كما مر لأنا نقول معرف الماهية يجب أن يحصل معرفتها بوجه ما يميزها عما عداها وليس يلزم من ذلك تحصيل معرفة شيء من أجزائها ألا يرى أن الجزء الصوري علة لحصول الماهية في الخارج وليس علة لحصول شيء من أجزائها فيه ومن التزم ما ذكرتموه اختار تعريفه لغيره الذي هو خارج عنه
فإن قلت إذا كان ذلك البعض المعرف للماهية معرفا بغيره كما ذكرتم عاد الإشكال بحذافيره إلى تعريفه به
قلت ويعود إليه أيضا الجواب برمته أو نختار أنه أي تعريف الماهية بالخارج عنها ويجب في تعريفه إياها الاختصاص فإن الخارج إذا كان لازما لها مختصا بها وكان مع ذلك بحيث ينتقل الذهن من تصؤره إلى تصورها صلح أن يكون معرفا لها بلا لزوم محذور لا العلم به فإنه ليس شرطا في ذلك الانتقال المرتب على الاختصاص والعلاقة وهو المنشأ لما ذكرتموه من المحال وإن سلم وجوب العلم بالاختصاص في تعريف الخارج فالعلم بالاختصاص يتوقف على تصور الماهية بوجه ما لا على تصورها الحاصل بتعريف الخارج إياها فلا دور ويتوقف على تصور ما عداها باعتبار شامل له أي مجملا لا على تصور ما عداها مفصلا وإنه أي تصور ما عداها باعتبار شامل ممكن كاختصاص أي كعلمنا باختصاص الجسم بحيز معين دون ما عداه من الأحياز التي لا تنحصر ولا يحيط بها علمنا إلا إجمالا باعتبار شامل لها
Page 75