Al-Manhaj al-Sahih fi al-Jam' bayn ma fi al-Muqni' wa al-Tanqih
المنهج الصحيح في الجمع بين ما في المقنع والتنقيح
Chercheur
[رسالة دكتوراة بقسم الفقه - كلية الشريعة - الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بإشراف د عبد المحسن بن محمد المنيف، ١٤٣٤ هـ]
Maison d'édition
مكتبة أهل الأثر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م
Lieu d'édition
دار أسفار) - (الكويت)
Genres
هذا الكتاب
رسالة علمية تقدم بها الباحث لنيل درجة الدكتوراه في الفقه
من: كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة
وقد نوقشت بتاريخ ٢٤/ ٦/ ١٤٣٤ وأجيزت بتقدير: ممتاز
وكانت لجنة المناقشة مكونة من:
أ. د. عبد المحسن بن محمد المنيف (مشرفا)
أ. د. حمد بن حماد الحماد (مناقشا داخليا)
أ. د. ناصر بن عبد الله الميمان (مناقشا خارجيا)
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
يسر مشروع أسفار أن يقدم للقارئ الكريم الإصدار الثاني من إصدارات المشروع والذي يطبع لأول مرة، وهو تحقيق كتاب (المنهج الصحيح في الجمع بين ما في المقنع والتنقيح)، وهذا الكتاب يهم المختصين بالفقه الحنبلي بالدرجة الأولى، إذ جمع المؤلف فيه بين متنين احتاج المذهب إلى الجمع بينهما، وهما: كتاب (المقنع) لشيخ المذهب الموفق ابن قدامة (ت ٦٢٠)، وكتاب (التنقيح المشبع) لمصحح المذهب علاء الدين المرداوي (ت ٨٨٥)؛ إذ لا غنى للحنبلي عنهما، ولا يُستغني بواحد منهما عن الآخر، فجاء العلامة شهاب الدين أحمد العُسكُري (ت ٩١٠) تلميذ العلاء المرداوي فجمع بينهما مع التصرف بالأصل والاستدراك عليه ومخالفة الترجيح أحيانا، فكانت التجربة الأولى للجمع بين المقنع والتنقيح، إلا أن المنية اخترمته قبل تمام جمعه، فجاء بعد العسكري تلميذه الموضِّح الشويكي (ت ٩٣٩) فجمع بينهما أيضا في كتابه (التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح) وأتمه، وجاء التقي الفتوحي (ت ٩٧٢) عصريّ الشويكي فجمع بينهما أيضا في المتن الشهير المسمى بـ (منتهي الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)، ومع كون (المنتهي) أشهر المتون الثلاثة إلا أن كتب المذهب لم تخل من النقل عن (المنهج) و(التوضيح) فممن نقل عنهما: الحجاوي (ت ٩٦٨) في حاشية التنقيح وهو من تلاميذ الشويكي، ومنصور البهوتي (ت ١٠٥١) في الكشاف وشرح المنتهى وحاشية الإقناع، وابن منقور (ت ١١٢٥) في مجموعه، بل إن للتاج البهوتي تلميذ الفتوحي: تعليقات على هامش (التوضيح) نقل عنها الخلوتي (ت ١٠٨٨) في حاشية المنتهى، وكذا لعثمان حفيد صاحب المنتهى (ت ١٠٦٤) تعليقات على التوضيح، بل قال عنه العلامة ابن سعدي (ت ١٣٧٦): «والذي يظهر لي أنه [يعني التوضيح] يفوق على المنتهي».
ولا يفوتنا أخيرا أن نسأل الله أن يجزي مؤلف الكتاب ومحققه ومطالعه خير الجزاء، وأن يسبغ نعمه الظاهرة والباطنة على من سعى في نشره وطباعته متحملا تكاليفه المالية. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أسفار
لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية
دولة الكويت
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (^١)، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (^٢)، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (^٣) (^٤).
_________
(^١) سورة آل عمران آية (١٠٣).
(^٢) سورة النساء آية (١).
(^٣) الأحزاب: آية (٧٠، ٧١).
(^٤) هذه الخطبة تسمى «خطبة الحاجة» والحديث له روايات فيها اختلاف يسير، أخرجه أبو داود في سننه، كتاب النكاح، باب في خطبة النكاح برقم (٢١١٨) ٢/ ٢٣٨، والترمذي في سننه، كتاب النكاح، باب ما جاء في خطبة النكاح برقم (١١٠٥) ٣/ ٤٠٥، والنسائي في سننه، كتاب الجمعة، باب كيفية الخطبة برقم (١٤٠٤) ٣/ ١٠٤، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب خطبة النكاح، برقم (١٨٩٢) ١/ ٦٠٩، وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب النكاح، وأحمد في مسنده برقم (٣٧٢٠) ٦/ ٢٦٢، والدارمي في سننه، كتاب النكاح، باب في خطبة النكاح برقم (٢٢٤٨) ٣/ ١٤١٣، والحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (٢٧٤٤) ٢/ ١٩٩، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجمعة، باب الإمام يقرأ على المنبر آية السجدة برقم (٥٨٠٢) ٣/ ٣٠٤.
قال ابن الملقن (صحيح) ينظر: البدر المنير ٧/ ٥٣٠.
وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: إسناده من طريق أبي عبيدة ضعيف؛ لانقطاعه، ومن طريق أبي الأحوص صحيح على شرط مسلم (٣٧٢٠) ٦/ ٢٦٢.
وقال الألباني: (صحيح). ينظر: صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (١١٠٥) ٣/ ١٠٥، وصحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم برقم (١٨٩٢) ٤/ ٣٩٢، وله رسالة خاصة بها، أورد طرقها، وصححها.
1 / 5
أما بعد:
فإن من نعم الله علينا أن هدانا لهذا الدِّين القويم، ومن فضله علينا أن شرع لنا هذه الشريعة المبنية على اليسر، ورفع الحرج عن المؤمنين، ومن نعمه علينا أن هدانا إلى طريق العلم النافع الموصل إلى جنات النعيم، وإن من أشرف هذه العلوم الشرعية، هو ما عرف اصطلاحًا
بعلم الفقه، فهو من أجل العلوم، وأشرفها مكانة، وأرفعها قدرًا، كما قال ﷺ: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدِّين» (^١).
قال في الأشباه والنظائر للسيوطي (^٢) -رحمه الله تعالى-: (فعلم
_________
(^١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدِّين برقم (٧١) ١/ ٢٥، ومسلم في صحيحه كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم (١٠٣٧) ٢/ ٧١٨.
(^٢) هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدِّين الخضيري السيوطي، جلال الدِّين، أبو الفضل، أصله من أسيوط، ولد سنة (٨٤٩ هـ) ونشأ بالقاهرة يتيما، كان عالما شافعيا، مؤرخا أديبا، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه، والفقه واللغة، ولما بلغ أربعين تجرد للعبادة، وترك الإفتاء والتدريس، وشرع في تحرير مؤلفاته، له مصنفات عديدة منها «الأشباه والنظائر» و«الحاوي للفتاوى» و«الإتقان في علوم القرآن» توفي سنة (٩١١ هـ). ينظر: شذرات الذهب ١٠/ ٧٤، والضوء اللامع ٤/ ٦٥، والأعلام ٣/ ٣٠١.
1 / 6
الفقه بحوره زاخرة، ورياضه ناضرة، ونجومه زاهرة، وأصوله ثابتة مقررة، وفروعه ثابتة محررة، لا يفنى بكثرة الإنفاق كنزه، ولا يبلى على طول الزمان عزة أهله، قوام الدِّين وقوامه، وبهم ائتلافه وانتظامه، هم ورثة الأنبياء، وبهم يستضاء …) (^١).
فكان اهتمام علماء الإسلام بهذا العلم كثيرًا، وألفوا فيه مؤلفات لا تحصى، ولكنّ كثيرًا منها ما زال محبوسًا في خزائن المكتبات في أنحاء العالم، مما يجعل المسؤولية على الباحثين عظيمة؛ لإخراج هذا التراث الذي بُذل فيه الغالي والنفيس من عالم المخطوط، إلى عالم المطبوع محقَّقًا تحقيقًا علميًا.
وقد طمحت نفسي إلى خدمة هذا الفن في تحقيق تراث علماء الإسلام، ومن هذا التراث الذي وقع اختياري عليه كتاب (المنهج الصحيح في الجمع بين ما في المقنع والتنقيح) للعلامة أحمد بن عبد اللّه بن أحمد، شهاب الدِّين، أبي العباس، الدمشقي، الصالحي، الشهير بابن العُسْكُري (^٢).
أهمية وأسباب اختيار الموضوع:
أولًا: إن كثيرًا، من الكتب المخطوطة لم تر النور بعد، ونحن بحاجة إلى إخراج هذه الكنوز الدفينة، والكشف عن هذه الذخائر النفيسة،
_________
(^١) انظر: الأشباه والنظائر ١/ ٢.
(^٢) سيأتي فصل كامل في ترجمته (الفصل الثالث) في الصفحة رقم [٦٤].
1 / 7
التي لا تزال حبيسة المكتبات، والتي من خلالها نستطيع التعرف على كتب فقهائنا، وطرقهم في التأليف، والاستنباط، وتأسيس القواعد الشرعية، ومعالجتهم لما وقع في زمانهم من نوازل، وواقعات.
ثانيًا: إن الاشتغال بتحقيق المخطوطات يساعد على تنمية قدرات المحقِق العلمية، وحصيلته الفقهية، وتمرينه على ضبط عبارات العلماء وفهمها.
ثالثًا: ما يتميز به التحقيق من معالجته لأبواب كثيرة من أبواب الفقه - إن لم يكن كلها - بخلاف الموضوع حيث يقتصر فيه غالبًا على موضوع واحد.
رابعًا: ما يُكسِبُه التحقيق من معارف متنوعة، حيث يقتضي الارتباط بجملة من العلوم، فالتحقيق في الفقه مثلًا يستلزم - إضافة إلى مراجع الفقه - الرجوع إلى مراجع أصول الفقه، والسنة، والآثار، والجرح والتعديل، واللغة، وتفاسير الأحكام، والتراجم، والسير، وذلك أمر حتمي في تحقيق المخطوطات.
خامسًا: مكانة كتابي المقنع والتنقيح العلمية، فقد أثنى العلماء على هذين الكتابين، ثناء يدل على أهميتهما وقيمتهما العلمية.
سادسًا: مكانة مؤلف كتاب المقنع العلامة عبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامة المقدسي (^١)، ومؤلف كتاب التنقيح العلامة علاء الدِّين علي بن سليمان المرداوي (^٢) العلمية، حيث كان لهما الباع الطويل في
_________
(^١) سيأتي فصل كامل في ترجمته (الفصل الأول) في الصفحة رقم [١٦].
(^٢) سيأتي فصل كامل في ترجمته (الفصل الثاني) في الصفحة رقم [٤٦].
1 / 8
العلوم الشرعية، فهما يعتبران من محققي المذهب الحنبلي (^١).
الدراسات السابقة:
من خلال بحثي في فهارس المكتبات، والمخطوطات المتوفرة لدي لم أجد أحدًا قام بدراسة المخطوط، كما أنني قمت بمراسلة الجهات المعنية لهذا المخطوط وأفادوا بعدم التقديم له كرسالة علمية (^٢).
_________
(^١) انظر سير أعلام النبلاء ٤٢/ ١٧٤، شذرات الذهب ٧/ ٣٣٩.
(^٢) من الجهات التي أفادت بعدم التقدم للموضوع المعهد العالي للقضاء، وكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
1 / 9
خطة البحث:
تتكون الرسالة من مقدمة، وقسمين: قسم للدراسة، وقسم للتحقيق.
أما المقدمة فتتضمن ما يلي:
· الافتتاحية.
· أسباب اختيار الموضوع.
الدراسات السابقة.
· خطة البحث.
· منهج التحقيق.
وأما القسمان فهما: قسم الدراسة، وقسم النص المحقق.
القسم الأول: القسم الدراسي، ويشتمل على أربعة فصول:
الفصل الأول: دراسة موجزة عن الإمام ابن قدامة، وكتابه المقنع وفيه مبحثان:
المبحث الأول: دراسة موجزة عن الإمام ابن قدامة، وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، ووفاته.
المطلب الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته العلمية.
المطلب الرابع: شيوخه.
1 / 10
المطلب الخامس: تلاميذه.
المطلب السادس: مؤلفاته.
المطلب السابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.
المطلب الثامن: عقيدته، ومذهبه الفقهي.
المبحث الثاني: التعريف بكتاب المقنع، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: منهج المؤلف في الكتاب.
المطلب الثاني: مصادر المؤلف.
المطلب الثالث: قيمة الكتاب العلمية.
الفصل الثاني: دراسة موجزة عن الإمام المرداوي، وكتابه التنقيح، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: دراسة موجزة عن الإمام المرداوي، وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، ووفاته.
المطلب الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته العلمية.
المطلب الرابع: شيوخه.
المطلب الخامس: تلاميذه.
المطلب السادس: مؤلفاته.
المطلب السابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.
1 / 11
المطلب الثامن: عقيدته، ومذهبه الفقهي.
المبحث الثاني: التعريف بكتاب التنقيح وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: منهج المؤلف في الكتاب.
المطلب الثاني: مصادر المؤلف.
المطلب الثالث: قيمة الكتاب العلمية.
الفصل الثالث: دراسة موجزة عن الإمام العُسْكُري، وفيه ثمانية مباحث:
المبحث الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته.
المبحث الثاني: مولده، ونشأته، ووفاته.
المبحث الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته العلمية.
المبحث الرابع: شيوخه.
المبحث الخامس: تلاميذه.
المبحث السادس: مؤلفاته.
المبحث السابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.
المبحث الثامن: عقيدته، ومذهبه الفقهي.
الفصل الرابع: التعريف بكتاب المنهج الصحيح، ويشتمل على سبعة مباحث:
المبحث الأول: تحقيق اسم الكتاب.
1 / 12
المبحث الثاني: إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
المبحث الثالث: منهج المؤلف في هذا الكتاب.
المبحث الرابع: مصادر المؤلف في كتابه.
المبحث الخامس: قيمة الكتاب العلمية.
المبحث السادس: الفرق بين كتابي المنهج الصحيح، وكتاب التوضيح.
المبحث السابع: وصف النسخ الخطية، ونماذج منها.
القسم الثاني: النص المحقق.
ويشتمل على تحقيق النص كاملا من أَوَّل الكتاب إلى آخره، ويقع في (٢٣٠) لوحة.
الفهارس على النحو التالي:
١ - فهرس الآيات القرآنية مرتبة حسب ترتيب السور في المصحف الشريف.
٢ - فهرس الأحاديث النبوية مرتبة على الحروف الهجائية.
٣ - فهرس الآثار.
٤ - فهرس الأعلام.
٥ - فهرس المصادر والمراجع.
٦ - فهرس الموضوعات.
1 / 13
منهج التحقيق:
لقد سرت في تحقيقي على المنهج الآتي:
١ - نسخت الأصل حسب القواعد الإملائية الحديثة، وإذا اشتبهت علي الكلمة لعدم وضوحها، أو سقطها، أو محوها فإني اجتهد قدر الإمكان بمعرفة مراد المؤلف، وإلا أجتهد في وضع الكلمة المناسبة التي تقيم المعنى، وتكون بين معقوفتين، مع الإشارة إلى ذلك في الهامش.
٢ - أشرت إلى نهاية كل لوحة في المخطوط بعلامة/.
٣ - عزوت الآيات القرآنية بذكر اسم السورة، ورقم الآية، مع كتابتها بالرسم العثماني.
٤ - خرجت الأحاديث النبوية، فإن كان في الصحيحين، أو أحدهما اكتفيت بذلك، وإلا فأخرجه من بقية كتب السنة، فإن لم يوجد فيها، فمن مظانه في كتب الأحاديث الأخرى، مع ذكر كلام أهل العلم في بيان درجته.
٥ - عزوت الآثار إلى مظانها.
٦ - وثقت المسائل الفقهية والنقول، وأقوال المذاهب الأخرى التي ذكرها المؤلف من مصادرها الأصلية.
٧ - بينت الصحيح من المذهب إذا خالفه المؤلف.
٨ - شرحت الألفاظ الغريبة، والمصطلحات العلمية التي تحتاج إلى بيان.
1 / 14
٩ - قمت بالتعليق العلمي على بعض المسائل الواردة.
١٠ - ترجمت باختصار للأعلام الوارد ذكرهم في المتن.
١١ - قمت بالتعريف الموجز بالأماكن التي ذكرها المؤلف.
١٢ - قمت بالتعريف الموجز بالمقادير، والأطوال، والمكاييل، والمقاييس بما يعادلها من المقادير الحديثة.
١٣ - التزمت بعلامات الترقيم، وضبط ما يحتاج إلى ضبط.
١٤ - وضعت الفهارس الفنية اللازمة على النحو المبين في الخطة.
1 / 15
شكر وتقدير:
أتقدم بالشكر لله على توفيقه وتيسيره، وله الحمد أولًا، وآخرًا، وظاهرًا، وباطنًا.
ثم أقدم شكّري وتقديري للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ممثلة بكلية الشريعة، والقائمين على قسم الفقه، والأساتذة الفضلاء، الذين لم يألوا جهدًا في تقديم جميع ما ينفع الطالب في حياته العلمية والعملية، فلهم مني الشكّر والعرفان، والدُّعاء بالغفران.
كما أنني أقدم الشكّر والدُّعاء للمشرف على هذه الرسالة، فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: عبد المحسن بن محمد المنيف، الذي استفدت منه تربويًا من خلال سماحة نفسه وتواضعه الجم، وعلميًا بتوجيهاته وآرائه، ولم يتوان بتوفير وبذل ما أحتاجه من رأي ومرجع، مما كان له أكبر الأثر في إخراج هذه الرسالة، فجزاه الله خير ما جزى معلمًا عن طالبه، وزاده الله علمًا وعملًا.
كما أشكر جميع من قدم لي مساعدة، خلال إعداد هذه الرسالة، وأسال الله جل شأنه، وتقدست أسماؤه، أن يجعل هذا العمل في ميزان الأعمال، وأن يرزقنا الإخلاص في القول، والعمل، وصلّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
1 / 16
أولًا: قسم الدراسة
ويشتمل على أربعة فصول:
الفصل الأول: دراسة موجزة عن الإمام ابن قدامة، وكتابه المقنع.
الفصل الثاني: دراسة موجزة عن الإمام المرداوي، وكتابه التنقيح.
الفصل الثالث: دراسة موجزة عن الإمام العُسْكُري.
الفصل الرابع: التعريف بكتاب المنهج الصحيح.
1 / 17
الفصل الأول دراسة موجزة عن الإمام ابن قدامة، وكتابه المقنع
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: دراسة موجزة عن الإمام ابن قدامة.
المبحث الثاني: التعريف بكتاب المقنع.
1 / 19
المبحث الأول دراسة موجزة عن الإمام ابن قدامة
وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وفاته.
المطلب الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته العلمية.
المطلب الرابع: شيوخه.
المطلب الخامس: تلاميذه.
المطلب السادس: مؤلفاته.
المطلب السابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.
المطلب الثامن: عقيدته، ومذهبه الفقهي.
1 / 20
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته:
هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله بن حذيفة وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ المقدسي، الجمّاعيلي، ثم الدمشقي، الصالحي الحنبلي، الشيخ الإمام العلامة موفق الدِّين، المشتهر بابن قدامة المقدسي، وكنيته أبو محمد.
أما نسبته إلى المقدسي، فنسبة إلى أسرة المقادسة، وموطنهم قريب من بيت المقدس (^١).
وأما نسبته إلى الجماعيلي، فهي نسبة إلى القرية التي ولد بها (^٢)، وهي قرية في جبل نابلس.
وأما الصالحي؛ فلأنه نزل مع آله في مسجد الصالحية (^٣).
_________
(^١) بيت المقدس: ويسمى المسجد الأقصى، والقدس، من أرض فلسطين، ثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها. ينظر: معجم المعالم الجغرافية ص ٢٩٢.
(^٢) جماعيل: بالفتح، وتشديد الميم، وألف، وعين مهملة مكسورة، وياء ساكنة، ولام: قرية في جبل نابلس من أرض فلسطين، بينها وبين بيت المقدس يوم، منها الإمام موفق الدِّين ابن قدامة وأهله، وهى وقف عليهم. ينظر: معجم البلدان ٢/ ١٥٩، ومراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع ١/ ٣٤٥.
(^٣) الصالحية: قرية كبيرة ذات أسواق وجامع في لحف جبل قاسيون من غوطة دمشق، كانت عامرة آهلة بالسكان، ومحلها اليوم في السفح الواقع أسفل قبة السيار، وأعلى بستان الدواسة، يطل منها الإنسان على الربوة، وحدائقها ذات البهجة التي كان يزرع فيها قديما الزعفران، ولا تزال تلك الجهة تدعى حتى اليوم بدير مران. ينظر: معجم البلدان ٣/ ٣٩٠، ومراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع ٢/ ٨٣٠، والرحلة الشامية ص ٧٩.
1 / 21
قال أبو عمر أخو الْمُوَفَّق: «ينسبونا إلى مسجد أَبي صالح، لا أنّا صالحون» (^١) وهذا من ورعه، وتواضعه.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وفاته:
ولد الْمُوَفَّق ﵀ بجمَّاعيل، إحدى قرى مدينة نابلس بفلسطين، في شعبان سنة (٥٤١ هـ)، في أسرة اشتهرت بالعلم والصلاح، وكان تام الخلقة، أبيض مشرق الوجه، أدعج كأن النور يخرج من وجهه؛ لحسنه، وأسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، ممتعا بحواسه، هاجر مع أهل بيته وأقاربه
إلى دمشق (^٢)، وحفظ القرآن، وحفظ مختصر الخرقي في الفقه وله عشر سنين، ولما بلغ العشرين من عمره سافر إلى بغداد (^٣)؛
_________
(^١) انظر: ذيل طبقات الحنابلة ٣/ ١١٠، والمقصد الأرشد ٢/ ٣٤٧، وشذرات الذهب ٧/ ٥١.
(^٢) دمشق: بكسر أوله، وفتح ثانيه، والكسر لغة فيه، البلدة المشهورة قصبة الشام، وهي جنة الأرض بلا خلاف ليس في أرض الإسلام وفي أرض الروم مثلها، وهي من أحسن البلاد وأجلها موقعا سهلية جبلية، وفي شمالها جبل عظيم ممتد مسيرة أربعة أيام لها سور من حجارة، ودورها اثنا عشر ميلا، افتتحها أبو عبيدة بن الجراح صلحا، وبها عيون كثيرة، تأتي من قنوات الجبال، ولا تكاد الشمس أن تصل إلى أكثر أرضها لكثرة الشجر. ينظر: آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان ص ٥٧، والمسالك والممالك ص ٨٧، معجم البلدان ٢/ ٤٦٣.
(^٣) بغداد: أم الدنيا، وسيدة البلاد، وجنة الأرض، ومدينة السلام، وقبة الإسلام، ومجمع الرافدين، ومعدن الظرائف ومنشأ أرباب الغايات، هواؤها لطيف، وماؤها عذب، وتربتها طيبة، مثوى الخلفاء، ومقر العلماء بناها الخليفة العباسي المنصور، وهي عاصمة الخلافة العباسية، وهي اليوم عاصمة العراق، وتقع على ضفتي دجلة. ينظر: معجم البلدان ١/ ٤٥٦، وآثار البلاد وأخبار العباد ص ٣١٣، رحلة ابن بطوطة ٢/ ٥٧.
1 / 22
لطلب العلم، وأقام بها نحوًا من أربع سنين، وحج واشتغل بالتدريس، والتأليف، وسمع وقرأ على والده (^١) وغيره من المشايخ الكبار، وتصدر في جامع دمشق مدة طويلة، وبعد موت أخيه أبي عمر، صار هو الذي يؤم المصلين بالجامع المظفري، ويخطب يوم الجمعة فيه إذا حضر.
قال الضياء (^٢): كان حسن الأخلاق، لا يكاد يراه أحد إلا مبتسما يحكي الحكايات، ويمزح، وسمعت البهاء يقول: كان الشيخ يمازحنا وينبسط، وكان لا ينافس أهل الدنيا، وكان يؤثِر، ولا يكاد يشكو، وربما كان أكثر حاجة من غيره (^٣).
_________
(^١) هو: أحمد بن محمد بن قدامة الزاهد والد الشيخ أبي عمر والشيخ الْمُوَفَّق، ولد سنة (٤٩١ هـ) وكان خطيب جماعيل ففر بدينه من الفرنج فهاجر إلى الله ونزل هو وآله بمسجد أبي صالح، وكان زاهدا صالحا قانتا لله صاحب جد وصدق وحرص على الخير، وقد حج وجاور، وسمع من زين العبدري «صحيح مسلم» وحدث به، روى عنه ابناه. توفي سنة (٥٥٨ هـ) ودفن بسفح جبل قاسيون. وإلى جانبه دفن ولده أبو عمر رحمهما الله. ينظر: العبر في خبر من غبر ٣/ ٢٩، وتأريخ الإسلام ٣٨/ ٢٤٦، وذيل طبقات الحنابلة ٣/ ١٢٥، وشذرات الذهب ٦/ ٣٠٤.
(^٢) هو: الضياء محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي، أبو عبد الله، أحد الأعلام، ولد بقاسيون سنة (٥٦٩ هـ) وسمع من الخضر بن طاوس، ومن ابن المعطوش، ومن البوصيري، ومن أبي جعفر الصيدلاني، كان رقيق القلب، سريع الدمعة، كريم النفس، كثير الذكر لله، والقيام بالليل، محافظا على صلاة الضحى، له مصنفات عدة منها: كتاب (فضائل الأعمال) وكتاب (الأحكام) ولم يتم، وكتاب (الموافقات) توفي سنة (٦٤٣ هـ).
ينظر: العبر في خبر من غبر ٣/ ٢٤٨، وسير أعلام النبلاء ٢٣/ ١٢٨، وذيل طبقات الحنابلة ٤/ ١٧٦.
(^٣) انظر: تأريخ الإسلام ٤٤/ ٤٩٠، وسير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٧١.
1 / 23