106

Al-Manar : Introduction aux sciences coraniques et aux principes de l'exégèse

المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره

Maison d'édition

موسسة الرسالة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Lieu d'édition

بيروت

Genres

وقصارى القول، أننا نربأ بأصحاب الرسول ﷺ أن يكونوا قد وافقوا أو فكروا، فضلا عن أن يتآمروا على ضياع أحرف القرآن الستة دون نسخ لها. وحاشا لعثمان ﵁، أن يكون قد أقدم على ذلك وتزعمه، وكيف ينسب إليه هذا؟ والمعروف أنه نسخ المصاحف التي جمعت على عهد أبي بكر ﵁، قبل أن يدب النزاع في أقطار الإسلام بسبب اختلاف حروف القراءة في القرآن. فكانت تلك الصحف محتملة للأحرف السبعة جميعا، ضرورة أنه لم يحدث وقتئذ من النزاع والشقاق ما يدعو إلى الاقتصار على حرف واحد في رأيهم، ولم يثبت أن الصحابة تركوا من الصحف المجموعة على عهد أبي بكر حرفا واحدا، فضلا عن ستة أحرف، ولو كان ذلك لنقل إلينا متواترا، لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله. ثم كيف يفعل عثمان ذلك، ﵁ ذلك؟ وهو الذي عرف أن علاج الرسول لمثل هذا النوع الذي دبّ في زمانه، كان بجمع الناس وتقريرهم على الأحرف السبعة لا يمنعهم عنها، كلّا ولا بعضا. ثم كيف يفعل عثمان ذلك، وتوافقه الأمة، ويتم الإجماع؟ ثم يكون خلاف في معنى الأحرف السبعة مع قيام هذا الإجماع؟ أي كيف تجمع الأمة على ترك ستة أحرف، وإبقاء حرف واحد، ثم يختلف العلماء في معنى الأحرف السبعة على أربعين قولا، ويكادون يتفقون- رغم خلافهم هذا- على أن الأحرف السبعة باقية، مع أن الإجماع حجة عند المسلمين، وبه ينجلي ظلام الشك عن وجه اليقين. ولنفرض جدلا أن نزاع المسلمين في أقطار الأرض أيام خلافة عثمان ﵁، قضى عليه أن يجمع المسلمين على حرف واحد في القراءة، فلماذا لم تسمح نفسه الكريمة بإبقاء الستة الأحرف الباقية للتاريخ لا للقراءة؟ مع أن الضرورة تقدر بقدرها، وهذه الستة أحرف لم تنسخ لا تلاوة ولا حكما حتى تذهب بجرة قلم كذلك، ثم يبخل عليها بالبقاء للتاريخ وحده في أعظم مرجع، وأقدس كتاب، وهو القرآن الكريم (١).

(١) مناهل العرفان ص ١٦٩ - ١٧٠.

1 / 116