Al-Majmoo' Sharh Al-Muhadhhab
المجموع شرح المهذب
Maison d'édition
إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي
Lieu d'édition
القاهرة
النِّسَاءِ
* عِذَابُ الثَّنَايَا رِيقُهُنَّ طَهُورُ
* وَالرِّيقُ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ طَاهِرٌ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ لَفْظَةَ طَهُورٍ حَيْثُ جَاءَتْ فِي الشَّرْعِ الْمُرَادُ بِهَا التَّطْهِيرُ: مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) فَهَذِهِ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ بِالْأُولَى: وَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ فِي الْفَصْلِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَمَعْلُومٌ أنهم سألوا عن تطهير ماء البحر لاعن طهارته ولولا أَنَّهُمْ يَفْهَمُونَ مِنْ الطَّهُورِ الْمُطَهِّرَ لَمْ يَحْصُلْ الْجَوَابُ: وَقَوْلُهُ ﷺ طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْ مُطَهِّرُهُ: وَقَوْلُهُ ﷺ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ وَالْمُرَادُ مُطَهِّرَةٌ وَبِكَوْنِهَا مُطَهِّرَةً اُخْتُصَّتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ لَا بِكَوْنِهَا طَاهِرَةً.
فَإِنْ قِيلَ يُرَدُّ عَلَيْكُمْ حَدِيثُ الْمَاءُ طَهُورٌ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ كَوْنَهُ مُخَالِفًا وَأَجَابَ أصحابنا عن قوله تعالي (شرابا طهورا) بِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُ بِأَعْلَى الصِّفَاتِ وَهِيَ التَّطْهِيرُ وَكَذَا قَوْلُ جَرِيرٍ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّهُ قَصَدَ تَفْضِيلَهُنَّ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ فَوَصَفَ رِيقَهُنَّ بِأَنَّهُ مُطَهِّرٌ يُتَطَهَّرُ بِهِ لِكَمَالِهِنَّ وَطِيبِ رِيقِهِنَّ
وَامْتِيَازِهِ على غيره ولا يصح حمله على طاهر فَإِنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ النِّسَاءِ رِيقُهُنَّ طَاهِرٌ بَلْ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَكُلُّ حَيَوَانٍ غَيْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا رِيقُهُ طَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ لَا يُخَالِفُ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ لان ماءها كان كثير الا يُغَيِّرُهُ وُقُوعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِيهِ: قَالَ أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ فِي سُنَنِهِ سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا قَالَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ الْمَاءُ فِيهَا إلَى الْعَانَةِ قُلْت فَإِذَا نَقَصَ قَالَ دُونَ العورة: قال أبو داود وقدرت بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَرَعْتُهُ فَإِذَا عَرْضُهَا سِتُّ أَذْرُعٍ وَقَالَ لِي الَّذِي فَتَحَ لِي الْبَابَ يَعْنِي بَابَ الْبُسْتَانِ الَّذِي هِيَ فِيهِ لَمْ يُغَيَّرْ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ: قَالَ وَرَأَيْتُ فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ.
قَوْلُهُ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ يَعْنِي بِطُولِ الْمُكْثِ وَبِأَصْلِ المنبع لا بشي أَجْنَبِيٍّ وَهَذِهِ صِفَتُهَا فِي زَمَنِ أَبِي دَاوُد ولا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَانَتْ هَكَذَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ: وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ
1 / 85