Al-Majmoo' Sharh Al-Muhadhhab
المجموع شرح المهذب
Maison d'édition
إدارة الطباعة المنيرية
Lieu d'édition
مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة
الشَّرِّ: فَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ أَكْرَمُ النَّاسِ عَلَيَّ جَلِيسِي الَّذِي يَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى يَجْلِسَ إلَيَّ لَوْ اسْتَطَعْتُ أَلَّا يَقَعَ
الذُّبَابُ عَلَى وَجْهِهِ لَفَعَلْتُ
* وَفِي رِوَايَةٍ إنَّ الذُّبَابَ يَقَعُ عليه فيؤذيني: وينبغي أن يكون سمحا ببذل مَا حَصَّلَهُ مِنْ الْعِلْمِ سَهْلًا بِإِلْقَائِهِ إلَى مُبْتَغِيهِ مُتَلَطِّفًا فِي إفَادَتِهِ طَالِبِيهِ مَعَ رِفْقٍ وَنَصِيحَةٍ وَإِرْشَادٍ إلَى الْمُهِمَّاتِ: وَتَحْرِيضٍ عَلَى حِفْظِ مَا يَبْذُلُهُ لَهُمْ مِنْ الْفَوَائِدِ النَّفِيسَاتِ: وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ شَيْئًا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ إذَا كَانَ الطَّالِبُ أَهْلًا لِذَلِكَ: وَلَا يلق إلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَتَأَهَّلْ لَهُ لِئَلَّا يُفْسِدَ عليه حاله فَلَوْ سَأَلَهُ الْمُتَعَلِّمُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يُجِبْهُ وَيُعَرِّفُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ شُحًّا بَلْ شَفَقَةً وَلُطْفًا: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَظَّمَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ بَلْ يَلِينُ لَهُمْ وَيَتَوَاضَعُ فَقَدْ أُمِرَ بِالتَّوَاضُعِ لِآحَادِ النَّاسِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)
* وعن عياض بن حماد ﵁ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
* وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
* فَهَذَا فِي التَّوَاضُعِ لِمُطْلَقِ النَّاسِ فَكَيْفَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ كَأَوْلَادِهِ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُلَازَمَةِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ: وَمَعَ مَا لَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الصُّحْبَةِ وَتَرَدُّدِهِمْ إلَيْهِ وَاعْتِمَادِهِمْ عَلَيْهِ: وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ لِينُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ وَلِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ
* وَعَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ ﵀ إنَّ اللَّهَ ﷿ يحب العلم المتواضع ويبغض العلم الْجَبَّارَ وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَّثَهُ الْحِكْمَةَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى تَعْلِيمِهِمْ مُهْتَمًّا بِهِ مُؤْثِرًا لَهُ عَلَى حَوَائِجِ نَفْسِهِ وَمَصَالِحِهِ مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ وَيُرَحِّبُ بِهِمْ عِنْدَ إقْبَالِهِمْ إلَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ: وَيُظْهِرُ لَهُمْ الْبِشْرَ وَطَلَاقَةَ الْوَجْهِ وَيُحْسِنُ إلَيْهِمْ بِعِلْمِهِ وما له وَجَاهِهِ بِحَسْبِ التَّيْسِيرِ: وَلَا يُخَاطِبُ الْفَاضِلَ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ بَلْ بِكُنْيَتِهِ وَنَحْوِهَا: فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكَنِّي أَصْحَابَهُ إكْرَامًا لَهُمْ وَتَسْنِيَةً لِأُمُورِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَفَقَّدَهُمْ وَيَسْأَلَ عَمَّنْ غَابَ مِنْهُمْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَاذِلًا وُسْعَهُ فِي تَفْهِيمِهِمْ وَتَقْرِيبِ الْفَائِدَةِ إلَى أَذْهَانِهِمْ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَيُفَهِّمَ كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسْبِ فَهْمِهِ وَحِفْظِهِ فَلَا يُعْطِيهِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ وَلَا يُقَصِّرُ بِهِ عَمَّا يَحْتَمِلُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَيُخَاطِبُ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ دَرَجَتِهِ وَبِحَسْبِ فَهْمِهِ وَهِمَّتِهِ فَيَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا فَهْمًا محققا ويوضع الْعِبَارَةَ لِغَيْرِهِ وَيُكَرِّرُهَا لِمَنْ لَا يَحْفَظُهَا إلَّا بِتَكْرَارٍ وَيَذْكُرُ الْأَحْكَامَ مُوَضَّحَةً بِالْأَمْثِلَةِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لِمَنْ لَا يَنْحَفِظُ لَهُ الدَّلِيلُ فَإِنْ
جَهِلَ دَلِيلَ بَعْضِهَا ذَكَرَهُ لَهُ: وَيَذْكُرُ الدَّلَائِلَ لِمُحْتَمِلِهَا وَيَذْكُرُ هَذَا مَا بَيَّنَّا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يُشْبِهُهَا وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا وَمَا يُقَارِبُهَا: وهو مخالف لها وَيَذْكُرُ مَا يَرِدُ عَلَيْهَا وَجَوَابَهُ إنْ أَمْكَنَهُ: وَيُبَيِّنُ الدَّلِيلَ الضَّعِيفَ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ فَيَقُولُ اسْتَدَلُّوا بِكَذَا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِكَذَا: وَيُبَيِّنُ الدَّلِيلَ الْمُعْتَمَدَ لِيُعْتَمَدَ: وَيُبَيِّنُ لَهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأُصُولِ وَالْأَمْثَالِ وَالْأَشْعَارِ وَاللُّغَاتِ وَيُنَبِّهُهُمْ عَلَى غَلَطِ مَنْ غَلِطَ فِيهَا مِنْ الْمُصَنَّفِينَ: فَيَقُولُ مثلا هذا هو الصواب ولما مَا ذَكَرَهُ فُلَانٌ فَغَلَطٌ أَوْ فَضَعِيفٌ قَاصِدًا النَّصِيحَةَ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ لَا لِتَنَقُّصٍ لِلْمُصَنَّفِ: وَيُبَيِّنُ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ قَوَاعِدَ الْمَذْهَبِ الَّتِي لَا تَنْخَرِمُ غَالِبًا
1 / 31