ما مضى تفصيله وتوجيهه، وأَنه لا عيب على الدِّين ولا على المجتهدين، وأَن في هذا من الحِكَمِ والأَسرار التشريعية، الخيرَ الكثير والفضلَ النمير
* وبعد: فلينعقد قلب المسلم على أَصل الدِّين وقاعدته: كمال الدّين وشموله، كما قال الله تعالى في محكم تنزيله. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [الماندة: ٣]
وأنَّ اختلاف الفهوم في تقدير الواقعات وتطبيق الحكم الشرعي عليها، واختلافها في مقاييس التصحيح والتضعيف: من كمال الدِّين وتمام النعمة وسعة الشريعة، ولا يمس شيء من ذلك البتة كمال دين الله وتمام شرعه، بل هو من كماله وتمامه على الوجه المشروع.
وهو- لعمر الله- مشروط بصدوره من متأهل نابذٍ لأَمراض الشهوة والشبهة من الهوى، والتعصب المذهبي، فهو كناشد الضالة؛ هَمُّهُ الحصول عليها على يده أو على يد غيره، وهذا هو هدي الصحابة ﵃ ومن قفا أثرهم إلى يومنا هذا، ثم كان مسعاهم هذا ليشغلوا أَنفسهم بالعمل به لا للمراء والجدل، فهم أَرباب علم وعمل- وفقنا الله لسلوك سبيلهم-.
وبهذا تعلم أَن انقداح خلاف ذلك في النفس: من أَمراض الشبهات، وقد تساقط في مجاهلها أَفراد لم تتجاوز كلماتهم شفاههم، بدءًا بالحسين بن علي الكرابيسي، المتوفى سنة (٢٤٨ هـ)