فَإِن قيل: فقد روى البُخَارِيّ: عَن هِشَام قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: قَالَت عَائِشَة ﵂: (ابْن أُخْتِي) مَا ترك نَبِي الله [ﷺ] السَّجْدَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ ".
وَعنهُ: عَنْهَا قَالَت: " رَكْعَتَانِ لم يكن رَسُول الله [ﷺ] يدعهما سرا (وَلَا عَلَانيَة) رَكْعَتَانِ قبل (صَلَاة) الصُّبْح، وركعتان بعد الْعَصْر ".
قيل: فقد روى البُخَارِيّ: عَن أبي التياح قَالَ: سَمِعت حمْرَان بن أبان يحدث عَن مُعَاوِيَة ﵁ قَالَ: " إِنَّكُم (لتصلون) صَلَاة لقد صَحِبنَا رَسُول الله [ﷺ] فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصليهَا، وَلَقَد نهى عَنْهَا، يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر ". فقد تعَارض فعله وَنَهْيه عَاما وخاصا، فَيحْتَمل أَنه ﵇ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ، كَمَا أَنه كَانَ يواصل وَنهى عَن الْوِصَال شَفَقَة على أمته.
يُؤَيّد ذَلِك مَا روى البُخَارِيّ عَنْهَا قَالَت: " وَكَانَ رَسُول الله [ﷺ] (يُصَلِّيهمَا، وَلَا يُصَلِّيهمَا) فِي الْمَسْجِد مَخَافَة أَن يثقل على أمته، وَكَانَ يحب أَن يُخَفف عَنْهُم ".
وَيُؤَيّد مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مَا روى التِّرْمِذِيّ: عَن ابْن عَبَّاس ﵁ قَالَ: " إِنَّمَا صلى النَّبِي [ﷺ] الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، لِأَنَّهُ أَتَاهُ مَال فَشَغلهُ عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر (فصلاهما) بعد الْعَصْر، (ثمَّ لم يعد لَهما) ".