الخراج
الخراج
Chercheur
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Maison d'édition
المكتبة الأزهرية للتراث
Numéro d'édition
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Année de publication
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
السَّرِيرِ حَتَّى يَتَطَيَّرُوا، قَالَ: فَوَثَبْتُ فَإِذَا أَنَا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ. قَالَ: فَجعلُوا يطؤوني بِأَرْجُلِهِمْ وَيُنَحُّونِي بِأَيْدِيهِمْ. قَالَ فَقُلْتُ: إِنَّا لَا نَفْعَلُ هَذَا بِرُسُلِكُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ عَجَزْتُمْ فَلا تُؤَاخِذُونِي، فَإِنَّ الرُّسُلَ لَا يُفْعَلُ بِهَا هَذَا. قَالَ: فَكَفُّوا عَنِّي.
قَالَ فَقَالَ الْمَلِكُ: إِنْ شِئْتُمْ قَطَعْنَا إِلَيْكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ قَطَعْتُمْ إِلَيْنَا، قَالَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: بَلْ نَقْطَعُ إِلَيْكُمْ. قَالَ: فَقَطَعْنَا إِلَيْهِمْ. قَالَ: فَتَسَلْسَلُوا كُلُّ خَمْسَةٍ وَسَبْعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَعَشْرَةٍ فِي سِلْسِلَةٍ حَتَّى لَا يَفِرُّوا. قَالَ: فَعَبَرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ فَصَافُّوهُمْ فَرَشَقُونَا حَتَّى أَسْرَعُوا فِينَا، قَالَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِلنُّعْمَانِ: إِنَّهُ قَدْ أَسْرَعَ فِي النَّاسِ وَقَدْ جُرِحُوا فَلَوْ حَمَلْتَ؛ فَقَالَ لَهُ النُّعْمَان إِنَّك لذُو مَنَاقِبَ وَقَدْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ فَكَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ وَيَنْزِلُ النَّصْرُ.
ثُمَّ قَالَ: إِنِّي هَازٌّ الرَّايَةَ ثَلاثَ هِزَّاتٍ؛ فَأَمَّا أَوَّلُ هِزَّةٍ فَلْيَقْضِ الرَّجُلَ حَاجَتَهُ وَلْيُجَدِّدَ وَضُوءًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةَ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى شِسْعِهِ وَيَرُمَّ مِنْ سِلاحِهِ١؛ فَإِذَا هَزَزْتُ الثَّالِثَةَ فَاحْمِلُوا، وَلا يَلْوِيَنَّ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ قُتِلَ النُّعْمَانُ فَلا يَلْوِيَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَإِنِّي دَاع الله بِدَعْوَةٍ فَأَقْسَمْتُ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ مِنْكُمْ لَمَا أَمَّنَ عَلَيْهَا. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقِ النُّعْمَانَ شَهَادَةً الْيَوْمَ فِي نَصْرٍ وَفَتْحٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَأَمَّنَ الْقَوْمُ، قَالَ: فَهَزَّ الرَّايَةَ ثَلاثَ هِزَّاتٍ، قَالَ: ثُمَّ حَمَلَ وَحَمَلَ النَّاسُ فَكَانَ النُّعْمَانُ أَوَّلُ صَرِيعٍ، قَالَ: فَمَرَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَرِيعٌ، قَالَ: فَأَسِفْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرْتُ عَزِيمَتَهُ؛ فَلَمْ أَلْوِ عَلَيْهِ وَأَعْلَمُ عِلْمًا حَتَّى يعر مَكَانُهُ. قَالَ: فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَتَلُوا الرَّجُلَ شَغَلُوا عَنْهُ أَصْحَابَهُ، وَوَقَعَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ عَنْ بَغْلَةٍ لَهُ شهباء انْشَقَّ بَطْنُهُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَأَتَى مَكَانَ النُّعْمَانِ فَإِذَا بِهِ رَمَقٌ، وَأَتَوْهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ: مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ قَالَ فَقِيلَ لَهُ: فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، اكْتُبُوا بِذَلِك إِلَى عُمَرَ. وَقَضَى نَحْبَهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَحِمَهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ﵄ بِنَهَاوَنْدَ: إِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ فَلَا تَفِرُّوا وَإِذا غنتم فَلا تَغُلُّوا٢؛ فَلَمَّا لَقِينَا الْعَدُوَّ وَقَالَ لنا النُّعْمَان: لَا تُوَاقِعُوهُمْ -ذَلِك فِي يَوْم الْجُمُعَة- حَتَّى يَصْعَدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَنْصِرْ٣، ثمَّ وقعناهم؛ فَكَانَ النُّعْمَانُ أَوَّلُ صَرِيعٍ فَقَالَ: سجوني ثوبا٤.
_________
١ أَي يصلحه.
٢ الْغلُول من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة الْأَخْذ.
٣ أَي يصعد الْمِنْبَر لخطبة الْجُمُعَة فيدعو بالنصر للْمُسلمين.
٤ غطوني بِهِ.
1 / 44