الخراج
الخراج
Chercheur
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Maison d'édition
المكتبة الأزهرية للتراث
Numéro d'édition
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Année de publication
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
لأَنْ تَشْتَرِكُوا فِي أَمَانَتِي فِيمَا حُمِّلْتُ مِنْ أُمُورِكُمْ؛ فَإِنِّي وَاحِدٌ كَأَحَدِكُمْ وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ تُقِرُّونَ بِالْحَقِّ، خَالَفَنِي مَنْ خَالَفَنِي وَوَافَقَنِي مَنْ وَافقنِي، وَلَيْسَ أُرِيدُ أَنْ تَتَّبِعُوا هَذَا الَّذِي هَوَايَ، مَعَكُمْ مِنَ اللَّهِ كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ؛ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ نَطَقْتُ بِأَمْرٍ أُرِيدُهُ مَا أُرِيدُ بِهِ إِلا الْحَقَّ.
قَالُوا: قُلْ نَسْمَعْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُمْ كَلامَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنِّي أَظْلِمَهُمْ حُقُوقَهُمْ. وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْكَبَ ظُلْمًا، لَئِنْ كُنْتُ ظَلَمْتُهُمْ شَيْئًا هُوَ لَهُمْ وَأَعْطَيْتُهُ غَيْرَهُمْ لَقَدْ شَقِيتُ؛ وَلَكِنْ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُفْتَحُ بَعْدَ أَرْضِ كِسْرَى١، وَقَدْ غَنَّمَنَا اللَّهُ أَمْوَالَهُمْ وَأَرْضَهُمْ وَعُلُوجَهُمْ فَقَسَّمْتُ مَا غَنِمُوا مِنْ أَمْوَالٍ بَيْنَ أَهْلِهِ وَأَخْرَجْتُ الْخُمُسَ فَوَجَّهْتُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَنَا فِي تَوْجِيهِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَحْبِسَ الأَرَضِينَ بِعُلُوجِهَا وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ فهيا الْخَرَاجَ وَفِي رِقَابِهِمُ الْجِزْيَةَ يُؤَدُّونَهَا فَتَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ: الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ وَلِمَنْ يَأْتِي مِن بَعْدِهِمْ. أَرَأَيْتُمْ هَذِه الثغور لَا بُد لَهَا مِنْ رِجَالٍ يَلْزَمُونَهَا، أَرَأَيْتُمْ هَذِهِ الْمُدُنَ الْعِظَامَ -كَالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ والكوفة وَالْبَصْرَة ومصر- لَا بُد لَهَا مِنْ أَنْ تُشْحَنَ بِالْجُيُوشِ، وَإِدْرَارِ الْعَطَاءِ عَلَيْهِمْ؛ فَمِنْ أَيْنَ يُعْطَى هَؤُلاءِ إِذَا قُسِّمَتِ الأَرَضُونَ والعلوج.
مَا جبي من أَرض السوَاد فِي عَهْدِ عُمَرَ ﵁:
فَقَالُوا جَمِيعًا: الرَّأْيُ رَأْيُكَ؛ فَنِعْمَ مَا قلت وَمَا رَأَيْت، وَإِن لَمْ تَشْحِنْ هَذِهِ الثُّغُورَ وَهَذِهِ الْمُدُنَ بِالرِّجَالِ، وَتُجْرِي عَلَيْهِمْ مَا يَتَّقَوَّوْنَ بِهِ رَجَعَ أَهْلُ الْكُفْرِ إِلَى مُدُنِهِمْ؛ فَقَالَ: قَدْ بَانَ لِيَ الأَمْرُ فَمَنْ رَجُلٌ لَهُ جَزَالَةٌ وَعَقْلٌ يَضَعُ الأَرْضَ مَوَاضِعَهَا، وَيَضَعُ عَلَى الْعُلُوجِ مَا يَحْتَمِلُونَ؟ فَاجْتَمَعُوا لَهُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ حنيف وَقَالُوا: تبعثه إِلَى أهل ذَلِكَ؛ فَإِنَّ لَهُ بَصَرًا وَعَقْلا وَتَجْرِبَةً؛ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَوَلاهُ مِسَاحَةَ أَرْضِ السَّوَادِ فَأَدَّتْ جِبَايَةَ سَوَادِ الْكُوفَةِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِعَامٍ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالدِّرْهَمُ يَوْمَئِذٍ دِرْهَمٌ وَدَانِقَانِ، وَنِصْفٌ، وَكَانَ وَزْنُ الدِّرْهَمِ يَوْمَئِذٍ وَزْنُ الْمِثْقَالِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَجَمَاعَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرَادُوا عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ أَنْ يُقَسِّمَ الشَّامَ كَمَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ، وَأَنَّهُ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الزُّبَيْرُ بن الْعَوام
_________
١ أَرض فَارس.
1 / 36