الخراج
الخراج
Chercheur
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Maison d'édition
المكتبة الأزهرية للتراث
Numéro d'édition
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Année de publication
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
وَابْعَثْ جُنُودَ اللَّهِ تَأْتِي مَدَدَا ... فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا
قَالَ: وَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَأَرْعَدَتْ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِن هَذِه لتعرد بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ"، ثُمَّ قَالَ لعَائِشَة: "جهزيني وَلَا تعلمي بِذَلِكَ أَحَدًا"؛ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أُجَهِّزَهُ، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَتْ: إِلَى مَكَّةَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ، قَالَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ"، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالطَّرُقِ فَحُبِسَتْ١، ثُمَّ خَرَجَ ﷺ يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَفَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ﵁، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَذِنْتَ لِي فَأَتَيْتُ أَهْلَ مَكَّةَ فَدَعَوْتُهُمْ وَأَمَّنْتُهُمْ؟ قَالَ: وَهَذَا بَعْدَ أَنْ شَارَفَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ، وَوَجَّهَ الزُّبَيْرَ مِنْ قِبَلِ أَعْلاهَا وَخَالِدًا مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ؛ فَرَكِبَ الْعَبَّاسُ بَغْلَةَ النَّبِيِّ ﷺ الشَّهْبَاءَ وَانْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي، رُدُّوا عَليَّ أَبِي، وَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صنوا أَبِيهِ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ بِابْنِ مَسْعُودٍ، دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَكِبُوهَا مِنْهُ لأَضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَارًا"؛ فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّة أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فَقَدِ اسْتُبْطِنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَازِلٍ، هَذَا الزُّبَيْرُ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ، وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلَ مَكَّةَ، مَنْ أَلْقَى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
كَيفَ يُقَاتل الْمُسلمُونَ أهل الْبَغي من الْمُسلمين:
قَالَ: وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّنْ خَالَفَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِذَا حَارَبُوا، كَيْفَ يُقَاتَلُونَ، قَبْلَ أَنْ يُدْعَوْا أَو بعد أَن يُدْعَوْا؟ وَمَا الْحُكْمُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ وَمَا أَجْلَبُوا بِهِ فِي عَسْكَرِهِمْ؟ فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَنَا مِنَ الأَخْبَارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ أَنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ قَوْمًا قَطُّ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِمَّنْ خَالَفَهُ حَتَّى يَدْعُوهُمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ بعد قِتَالهمْ وظهوره عَلَيْهِم لشَيْء مِنْ مَوَارِيثِهِمْ وَلا لِنِسَائِهِمْ وَلا لِذَرَارِيهِمْ، وَلَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ أَسِيرًا، وَلَمْ يُذَفِّفْ مِنْهُمْ عَلَى جَرِيحٍ، وَلم يتبع مِنْهُم مُدبرا.
١ لَا يذهب فِيهَا أحد ليخبر قُرَيْش باستعداد رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
1 / 232