158

الخراج

الخراج

Chercheur

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Maison d'édition

المكتبة الأزهرية للتراث

Numéro d'édition

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Année de publication

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

يَسْتَمِدُّهُ- فَتَوَجَّهَ مِنَ الْحِيرَةِ مَعَ الأَدِلاءِ مِنْهَا وَمِنْ عَيْنِ التَّمْرِ حَتَّى قَطَعَ الْمَفَاوِزَ؛ فَلَمَّا قَطَعَهَا وَقَعَ فِي بِلادِ بَنِي تَغْلِبَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ قَوْمًا كَثِيرًا وَسَبَى، ثُمَّ مَضَى مِنْ بِلادِ بَنِي تَغْلِبَ، وَمَضَى مَعَهُ أَدِلاءٌ مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى أَتَى النُّقَيْبَ وَالْكَوَاثِلَ١؛ فَلَقِيَ جَمْعًا كَثِيرًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ إِلا فِي أَهْل الْيَمَامَةِ؛ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى قَتَلَ خَالِدٌ عِدَّةً بِيَدِهِ وَأَغَارَ عَلَى مَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ وَحَاصَرَهُمْ. فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحِصَارُ عَلَيْهِمْ طَلَبُوا الصُّلْحَ عَلَى مِثْلِ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ أهل عانات. وَقد كَانَ مَرَّ بِبِلادِ عَانَاتٍ فَخَرَجَ إِلَيْهِ بِطْرِيقُهَا فَطَلَبَ الصُّلْحَ فَصَالَحَهُ وَأَعْطَاهُ مَا أرد عَلَى أَنْ لَا يَهْدِمَ لَهُمْ بَيْعَةٍ وَلا كَنِيسَةٍ وَعَلَى أَنَّ يَضْرِبُوا نَوَاقِيسَهُمْ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءُوا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى أَن يخرجُوا الصلبات فِي أَيَّامِ عِيدِهِمْ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُضَيِّفُوا الْمُسْلِمِينَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَيَبْذَرِقُوهُمْ٢، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابَ الصُّلْحِ، وَخَرَجَ مِنْهُمْ عِدَّةُ أَدِلاءَ فَأَخَذُوا عَلَى النَّقِيبِ وَالْكَوَاثِلِ؛ فَصَالَحُوهُ عَلَى مِثْلِ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ عَانَاتَ وَجَرَى الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ وَكتب بيه وَبَيْنَهُمُ الْكِتَابَ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى إِلَى بِلادِ قَرْقِيسْيَاءَ؛ فَأَغَارَ عَلَى مَا حَوْلَهَا فَأَخَذَ الأَمْوَالَ وَسَبَى النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَقَتَلَ الرِّجَالَ وَحَاصَرَ أَهْلَهَا أَيَّامًا. ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا يَطْلُبُونَ الصُّلْحَ؛ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَأَعْطَاهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَى أَهْلَ عَانَاتَ عَلَى أَنْ لَا يَهْدِمَ لَهُمْ بَيْعَةً وَلا كَنِيسَةً، وَعَلَى أَنْ يَضْرِبُوا نواقيسهم إِلَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَيُخْرِجُوا صُلْبَانَهُمْ فِي يَوْمِ عِيدِهِمْ؛ فَأَعْطَاهُمْ ذَلِكَ، وَكَتَبَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُمُ الْكِتَابَ، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُضِيفُوا الْمُسْلِمِينَ وَيَبْذَرِقُوهُمْ، فَأَدَّوْا إِلَيْهِ الْجِزْيَةَ وَتُرِكَتِ الْبِيَعُ وَالْكَنَائِسَ لَمْ تُهْدَمْ لِمَا جَرَى مِنَ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ. وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ عَلَى خَالِدٍ أَبُو بَكْرٍ وَلا رَدَّهُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ وَلا عُثْمَانَ وَلا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. قَالَ أَبُو يُوسُف: وَلَسْتُ أَرَى أَنْ يُهْدَمَ شَيْءٌ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَلا يُحَوَّلُ وَأَنْ يَمْضِي الأَمْرُ فِيهَا عَلَى مَا أَمْضَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَهْدِمُوا شَيْئًا مِنْهَا مِمَّا كَانَ الصُّلْحُ جَرَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا أُحْدِثَ مِنْ بِنَاءِ بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَة فَإِن ذَلِك يهدم.

١ النَّقِيب بَين تَبُوك وَمَعَان -والكواثل مَوضِع فِي أَطْرَاف الشَّام. ٢ أَي يَحْرُسُونَهُمْ.

1 / 160