129

الخراج

الخراج

Chercheur

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Maison d'édition

المكتبة الأزهرية للتراث

Numéro d'édition

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Année de publication

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

وَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَزِيدَ أُعْطِيَاتِكُمْ وَأَرْزَاقَكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَسُدَّ ثُغُورَكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ لَا أُلْقِيكُمْ فِي الْمَهَالِكِ وَلا أَجَمِّرَكُمْ فِي ثُغُورِكُمْ١، وَقَدِ اقْتَرَبَ مِنْكُمْ زَمَانٌ قَلِيلُ الأُمَنَاءِ كَثِيرُ الْقُرَّاءِ، قَلِيل الْفُقَهَاء٢، كثير الْأكل، يَعْمَلُ فِيهِ أَقْوَامٌ لِلآخِرَةِ يَطْلُبُونَ بِهِ دُنْيَا عَرِيضَةً تَأْكُلُ دِينَ صَاحِبِهَا كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ؛ أَلا كُلُّ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلْيَصْبِرْ. يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ عَظَّمَ حَقَّهُ فَوْقَ حَقِّ خَلْقِهِ فَقَالَ فِيمَا عَظَّمَ مِنْ حَقِّهِ ﴿لَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنِّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُم مُسلمُونَ﴾ [آلا عمرَان: ٨٠] أَلا وَإِنِّي لَمْ أَبْعَثْكُمْ أُمَرَاءً وَلا جَبَّارِينَ؛ وَلَكِنْ بَعَثْتُكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى يُهْتَدَى بِكُمْ؛ فَأَدِرُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُقُوقَهُمْ، وَلا تَضْرِبُوهُمْ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تَحْمَدُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تُغْلِقُوا الأَبْوَابَ دُونَهُمْ فَيَأْكُلَ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهُمْ، وَلا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلا تَجْهَلُوا عَلَيْهِمْ، وَقَاتِلُوا بِهِمُ الْكفَّار طاقتهم؛ فَإِذا رَأَيْته بِهِمْ كَلالَةً فَكُفُّوا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُشْهِدُكُمْ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ أَنِّي لَمْ أَبْعَثْهُمْ إِلا لِيُفَقِّهُوا النَّاسَ فِي دينهم ويقسموا عَلَيْهِم فيأهم وَيَحْكُمُوا بَيْنَهُمْ؛ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ رَفَعُوهُ إِلَيَّ.
قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ يَقُول: لَا يصلح هَذَا الأَمْرُ إِلا بِشِدَّةٍ فِي غَيْرِ تَجَبُّرٍ، وَلِينٍ فِي غَيْرِ وَهَنٍ.
من نصائح عَليّ للولاة والأمراء:
قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ كَتَبَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ عَامِلُهُ: "أَمَّا بَعْدُ فَاسْتَخْلِفْ عَلَى عَمَلِكَ وَاخْرُجْ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ حَتَّى تَمُرَّ بِأَرْضِ السَّوَادِ كَوْرَةً كَوْرَةً فَتَسْأَلَهُمْ عَنْ عُمَّالِهِمْ، وَتَنْظُرَ فِي سِيرَتِهِمْ حَتَّى تَمُرَّ بِمن كَانَ مِنْهُم فِيمَا بَيْنَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَى الْبِهْقُبَاذَاتِ٣ فَتَوَلَّ مَعُونَتَهَا، وَاعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ فِيمَا وَلاكَ مِنْهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ وَأَنَّ الآخِرَةَ آتِيَةٌ وَأَنَّ عَمَلَ ابْنِ آدَمَ مَحْفُوظٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّكَ مَجْزِيٌّ بِمَا أَسْلَفْتَ وَقَادِمٌ عَلَى مَا قَدَّمْتَ مِنْ خَيْرٍ فَاصْنَعْ خَيْرًا تَجِدْ خَيْرًا".
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً وَلَّى أَمْرَهَا رَجُلا وَأَوْصَاهُ فَقَالَ لَهُ: "أُوصِيكَ بتقوى الله الَّذِي لَا بُد لَك

١ أَي لَا أحبسكم فِي الثغور وَلَا أمنعكم من العودة إِلَى بِلَادكُمْ.
٢ يقرءُون الْقُرْآن لَا يفهمونه وَلَا يعْملُونَ بِهِ.
٣ هِيَ كور بِبَغْدَاد من أَعمال الْفُرَات.

1 / 131