76

Al-Hisbah - University of Madinah

الحسبة - جامعة المدينة

Maison d'édition

جامعة المدينة العالمية

Genres

يقتصروا على تعليم أممهم أمور الدين فحسب، بل أمروهم كذلك بأن يكونوا كاملين في العلم والعمل، وأن يعلموا الناس طرق الخير، قال الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ (آل عمران: ٧٩). ومما نستفيده من هذه الآية الكريمة: أن الأنبياء ﵈ كانوا يأمرون الناس بأن يكونوا ربانيين، والمراد بالرباني كما قال الإمام سعيد بن جبير: "العالم الذي يعمل بعلمه". وقال الإمام أبو عبيدة: "هذه الكلمة -الرباني- تدل على الإنسان الذي علم، وعمل بما علم، واشتغل بتعليم طرق الخير". ونقل الشيخ محمد جمال الدين القاسمي في تفسير قول الله تعالى: ﴿كُونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾ قول بعض المفسرين فقال: "أي منسوبين إلى الرب؛ لاستيلاء الربوبية عليهم، وطمس البشرية بسبب كونهم عالمين، عاملين، معلمين، تالين لكتاب الله، والمعنى: كونوا عابدين مرتاضين بالعلم، والعمل، والمواظبة على الطاعات؛ حتى تصيروا ربانيين بغلبة النور على الظلمة". ومما يدل على أهمية العمل بالعلم، وأهمية سلوك المحتسب في الدعوة إلى الله تعالى: أن الله ﷿ أثنى على من جمع بين الحسبة والقدوة، وكذلك رسوله الكريم ﷺ، فبين الله ﵎ أن من جمع بين الحسبة والقدوة، والإعلام بإسلامه هو أحسن الناس قولًا، فقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (فصلت: ٣٣). فدلت الآية الكريمة كما قال الرازي على أن أحسن الأقوال قول من جمع بين خصال ثلاثة:

1 / 89