Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
127

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Maison d'édition

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٣هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

يتتبع الناس في أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم، وفي المواسم ومواقف الحج، يدعو من لقيه من: حر وعبد، وقوي وضعيف، وغني وفقير، جميع الخلق عنده في ذلك سواء. وقد تسلط عليه وعلى من اتبعه الأشداء الأقوياء من مشركي قريش بالأذية القولية والفعلية، وانفجرت مكة بمشاعر الغضب لأنها لا تريد أن تفارق عبادة الأصنام والأوثان (١) ومع ذلك لم يفتر محمد ﷺ في دعوته، ولم يترك العناية والتربية الخاصة لأولئك الذين دخلوا في الإسلام، فقد كان يجتمع بالمسلمين في بيوتهم على شكل أسر بعيدة عن أعين قريش، وتتكون هذه الأسر من الأبطال الذين عقد عليهم رسول الله ﷺ الأمل بعد الله - تعالى- في حمل العبء والمهام الجسيمة لنشر الإسلام، وبذلك تكونت طبقة خاصة من المؤمنين الأوائل قوية في إيمانها، متينة في عقيدتها، مدركة لمسئوليتها، منقادة لأمر ربها، طائعة لقائدها، مطبقة لكل أمر يصدر عنه برغبة وشوق واندفاع لا يعادله اندفاع، وحب لا يساويه حب. وبهذه المواقف الحكيمة، والتربية الصالحة المتينة استطاع محمد ﷺ أن يؤدي الأمانة، وِيبلغ الرسالة، وينصح الأمة، ويجاهد في الله حق جهاده، ويرسم لنا طريقًا نسير عليه في دعوتنا وعملنا وسلوكنا، فهو قدوتنا وإمامنا الذي نسير على هديه، ونستنير بحِكَمِهِ ﷺ. فقد بدأ الدعوة بعناصر اختارها ورباها، فلبت الدعوة، وآمنت به، وكانت دعوته عامة للناس، وأثناء هذه الدعوة يركز على من يجد عندهم الإمكانات أو يتوقع منهم ذلك، وقد تكون من هذه العناصر نواة القاعدة الصلبة التي ثبتت عليها أركان الدعوة (٢).

(١) البداية والنهاية ٣/ ٤٠. (٢) التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر٢/ ٦٥.

1 / 143