Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٢ هـ
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ عِبَارَةٌ عَنِ خِطَابِ الشَّارِعِ بِمَا يَنْتَهِضُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِلذَّمِّ شَرْعًا فِي حَالَةٍ مَا، فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازٌ عَنْ خِطَابِ غَيْرِ الشَّارِعِ، وَالثَّانِي احْتِرَازٌ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ، وَالثَّالِثُ (١) احْتِرَازٌ عَنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلذَّمِّ بِتَقْدِيرِ إِخْلَاءِ جَمِيعِ الْوَقْتِ عَنْهُ، وَإِخْلَاءِ أَوَّلِ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدَهُ، وَعَنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ الْمُخَيِّر، فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلذَّمِّ بِتَقْدِيرِ تَرْكِ الْبَدَلِ، وَلَيْسَ سَبَبًا لَهُ بِتَقْدِيرِ فِعْلِ الْبَدَلِ.
وَعَلَى هَذَا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْأَذَانَ وَصَلَاةَ الْعِيدِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاتَّفَقَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ، قُوتِلُوا. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ سُنَّةٌ، فَلَا.
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ فِي الْوُجُوبِ مِنْ تَرْجِيحِ الْفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الذَّمِّ أَوِ الثَّوَابِ الْخَاصِّ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا تَحَقُّقَ لِلْوُجُوبِ مَعَ تَسَاوِي طَرَفَيِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فِي الْغَرَضِ، وَرُبَّمَا أَشَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِلَى خِلَافِهِ.
وَإِذَا عُرِفَ مَعْنَى الْوُجُوبِ الشَّرْعِيِّ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَهِيَ سَبْعٌ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
هَلِ الْفَرْضُ غَيْرُ الْوَاجِبِ، أَوْ هُوَ هُوَ؟
أَمَّا فِي اللُّغَةِ، فَالْوَاجِبُ هُوَ السَّاقِطُ وَالثَّابِتُ كَمَا سَبَقَ تَعْرِيفُهُ.
وَأَمَّا الْفَرْضُ، فَقَدْ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فَرَضَتَا الْقَوْسِ؛ لِلْحَزَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي سِيَتَيْهِ مَوْضِعَ الْوَتَرِ، وَفَرَضَةُ النَّهْرِ وَهُوَ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِ السُّفُنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فَرَضَ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ، أَيْ قَدَّرَهَا.
وَقَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْإِنْزَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ﴾ أَيْ أَنْزَلَ.
_________
(١) الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَيْدَ الثَّالِثَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي حَالَةٍ مَا. يَدْخُلُ فِيهِ الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ وَالْمُخَيَّرُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بَعْدُ، فَلَا يُحْتَرَزُ عَنْ تَرْكِهِمَا إِلَّا أَنْ يُرَادَ الِاحْتِرَازُ عَنْ إِخْرَاجِ تَرْكِهِمَا.
1 / 98