Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٢ هـ
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فَمَا يُوجِبُهُ الْعَقْلُ بِهَا (١) أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا.
وَإِنْ كَانَ لِفَائِدَةٍ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ تَكُونَ الْفَائِدَةُ فِي الشُّكْرِ نَفْسَ الشُّكْرِ لَا أَمْرًا خَارِجًا عَنْهُ، كَمَا أَنَّ تَحْصِيلَ الْمَصْلَحَةِ وَدَفْعَ الْمَفْسَدَةِ عَنِ النَّفْسِ مَطْلُوبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ فَائِدَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ كَوْنِ الشُّكْرِ شُكْرًا فَمَا الْمَانِعُ أَنْ تَكُونَ الْفَائِدَةُ الْأَمْنَ مِنِ احْتِمَالِ الْعِقَابِ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الشُّكْرِ عَلَى مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ ; إِذْ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَا يَخْلُو الْعَاقِلُ عَنْ خُطُورِ هَذَا بِبَالِهِ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْفَوَائِدِ، وَإِنْ سُلِّمَ دَلَالَةُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى امْتِنَاعِ الْإِيجَابِ الْعَقْلِيِّ لَكِنَّهُ بِعَيْنِهِ دَالٌّ عَلَى امْتِنَاعِ الْإِيجَابِ الشَّرْعِيِّ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَاكَ (٢) يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.
وَلَكِنْ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِيجَابِ الْعَقْلِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْعَقْلُ مُوجِبًا لَانْحَصَرَتْ مَدَارِكُ الْوُجُوبِ فِي الشَّرْعِ لِمَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي الْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ لِمَا يَلْزَمُ عَنْهُ مِنْ إِفْحَامِ الرُّسُلِ وَإِبْطَالِ مَقْصُودِ الْبَعْثَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ إِذَا ادَّعَى وَتَحَدَّى بِالْمُعْجِزَةِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى النَّظَرِ فِيهَا لِظُهُورِ صِدْقِهِ، فَلِلْمَدْعُوِّ أَنْ يَقُولَ: لَا أَنْظُرُ فِي مُعْجِزَتِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ وَاجِبًا عَلَيَّ شَرْعًا، وَوُجُوبُ النَّظَرِ شَرْعًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُوبِ النَّظَرِ وَهُوَ دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ.
وَالْجَوَابُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ (٣) بِمَا ذَكَرُوهُ عَقْلًا ; إِذْ هُوَ دَعْوَى مَحَلِّ النِّزَاعِ وَإِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِالشُّكْرِ وَيَتَضَرَّرُ بِعَدَمِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ فَلَا. (٤) قَوْلُهُمْ: لِمَ قُلْتُمْ بِرِعَايَةِ الْفَائِدَةِ؟ قُلْنَا: لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
قَوْلُهُمْ: هَذَا مِنْكُمْ لَا يَسْتَقِيمُ. قُلْنَا: إِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ لِلْخَصْمِ لِكَوْنِهِ قَائِلًا بِهِ، وَبِهِ يَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ فِي إِبْطَالِ رِعَايَةِ الْفَائِدَةِ، كَيْفَ وَقَدْ أَمْكَنَ
_________
(١) بِهَا: الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ
(٢) صَوَابُهُ: إِذْ ذَاكَ
(٣) صَوَابُهُ: لَا نُسَلِّمُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ. . . إِلَخْ.
(٤) قَدْ يُقَالُ: إِنِ الْفَائِدَةَ تَعُودُ إِلَى الْمُكَلَّفِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ يَرْجُو بِشُكْرِهِ رِضَاءَ اللَّهِ عَنْهُ فِيهِمَا - إِنْ لَمْ يَعْرِفِ الْجَزَاءَ تَفْصِيلًا فَقَدْ عَرَفَهُ فِي الْجُمْلَةِ - أَوِ الْفَخْرَ أَوْ إِرْضَاءَ النَّفْسِ.
1 / 89