Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٢ هـ
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْحَدِّ مُنْتَقِضٌ بِمَا تَرَكَّبَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ أُسْنِدَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى وَهُمَا مُهْمَلَتَانِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَلَامًا، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْنَدْتَ مَقْلُوبَ زَيْدٍ إِلَى مَقْلُوبِ رَجُلٍ، فَقُلْتَ: (ديز هُوَ لجر) .
قُلْنَا: الْمُرَادُ مِنَ الْكَلِمَةِ الَّتِي مِنْهَا التَّأْلِيفُ اللَّفْظَةُ الْوَاحِدَةُ الدَّالَّةُ بِالْوَضْعِ عَلَى مَعْنًى مُفْرَدٍ، وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِيمَا ذَكَرُوهُ، غَيْرَ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْحَدِّ يَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُ الْقَائِلِ: حَيَوَانٌ نَاطِقٌ، وَإِنْسَانٌ عَالِمٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النِّسَبِ التَّقْيِيدِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ كَلَامًا مُفِيدًا وَإِنْ أُسْنِدَ فِيهِ إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى، وَالْوَاجِبِ أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ مَا تَأَلَّفَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ تَأْلِيفًا يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ.
[الْأَصْلُ الثَّانِي فِي مَبْدَأِ اللُّغَاتِ وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا]
الْأَصْلُ الثَّانِي
فِي مَبْدَأِ اللُّغَاتِ وَطُرُقِ مَعْرِفَتِهَا
أَوَّلُ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ أَنَّ مَا وُضِعَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعَانِيهَا هَلْ هُوَ لِمُنَاسَبَةٍ طَبِيعِيَّةٍ بَيْنَ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ أَمْ لَا؟
فَذَهَبَ أَرْبَابُ عِلْمِ التَّكْسِيرِ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى ذَلِكَ ; مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ مُنَاسَبَةٌ طَبِيعِيَّةٌ لَمَا كَانَ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِذَلِكَ اللَّفْظِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. وَلَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَاضِعَ فِي ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ لَوْ وَضَعَ لَفْظَ الْوُجُودِ عَلَى الْعَدَمِ وَالْعَدَمِ عَلَى الْوُجُودِ وَاسْمَ كُلِّ ضِدٍّ عَلَى مُقَابِلِهِ - لَمَا كَانَ مُمْتَنِعًا، كَيْفَ وَقَدْ وُضِعَ ذَلِكَ كَمَا فِي اسْمِ الْجَوْنِ وَالْقُرْءِ وَنَحْوِهِ، وَالِاسْمُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا بِطَبْعِهِ لِشَيْءٍ وَلِعَدَمِهِ (١)، وَحَيْثُ خَصَّصَ الْوَاضِعُ بَعْضَ الْأَلْفَاظِ بِبَعْضِ الْمَدْلُولَاتِ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا إِلَى الْإِرَادَةِ الْمُخَصِّصَةِ، كَانَ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى أَوِ الْمَخْلُوقُ إِمَّا لِغَرَضٍ أَوْ لَا لِغَرَضٍ، وَإِذَا بَطَلَتِ الْمُنَاسَبَةُ الطَّبِيعِيَّةُ وَظَهَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَ تَخْصِيصِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ بِبَعْضِ الْمَعَانِي إِنَّمَا هُوَ الْوَضْعُ الِاخْتِيَارِيُّ،
_________
(١) لَعَلَّهُ وَلِضِدِّهِ.
1 / 73