Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
65

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِشَاعِرٍ قَالَ: ( كَفَى الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا ): لَوْ قَدَّمْتَ الْإِسْلَامَ عَلَى الشَّيْبِ لَأَجَزْتُكَ. وَكَانَ عُمَرُ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ. وَأَيْضًا مَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَنْكَرُوا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالُوا لَهُ: لِمَ تَأْمُرُنَا بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ وَكَانُوا أَيْضًا مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَوْلَا أَنَّ (الْوَاوَ) لِلتَّرْتِيبِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا الْحُكْمُ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَقَعَ بِهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ (الْوَاوُ) لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ لَوَقَعَتِ الثَّلَاثُ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. وَأَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ اللَّفْظَ يَسْتَدْعِي سَبَبًا، وَالتَّرْتِيبَ فِي الْوُجُودِ صَالِحٌ لَهُ فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ. أَجَابَ النَّافُونَ عَنِ النَّقْلِ: أَمَّا الْآيَةُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَفَادٌ مِنْهَا، بَلْ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ صَلَّى وَرَتَّبَ الرُّكُوعَ قَبْلَ السُّجُودِ وَقَالَ: («صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي») وَلَوْ كَانَتْ (الْوَاوُ) لِلتَّرْتِيبِ لَمَا احْتَاجَ النَّبِيُّ ﵇ إِلَى هَذَا الْبَيَانِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ﵇: («ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ») فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِمْ، حَيْثُ سَأَلَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، وَلَوْ كَانَتْ (الْوَاوُ) لِلتَّرْتِيبِ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ السُّؤَالِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ كَانَتْ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى السُّؤَالِ فَيَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى قَوْلُهُ ﵇: («ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ») وَهُوَ دَلِيلُ التَّرْتِيبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ﵇: («قُلْ: وَمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى») إِنَّمَا قَصَدَ بِهِ إِفْرَادَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوَّلًا مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِهِ لَا أَنَّ " الْوَاوَ " لِلتَّرْتِيبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا انْفِكَاكَ لِإِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى حَتَّى يُتَصَوَّرَ فِيهِمَا التَّرْتِيبُ.

1 / 67