Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٢ هـ
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
ثُمَّ مَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقَضٌ بِتَسْمِيَةِ الْعَرَبِ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ نَخْلَةً، وَالْفَرَسِ الْأَسْوَدِ أَدْهَمَ وَالْمُلَوَّنِ بِالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ أَبْلَقَ، وَالِاسْمُ فِيهِ دَائِرٌ مَعَ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُسَمُّوا الْفَرَسَ وَالْجَمَلَ لِطُولِهِ نَخْلَةً، وَلَا الْإِنْسَانَ الْمُسْوَدَّ أَدْهَمَ، وَلَا الْمُتَلَوِّنَ مِنْ بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ بِالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ أَبْلَقَ، وَكُلُّ مَا هُوَ جَوَابُهُمْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ جَوَابُنَا فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ.
وَجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ مَا وَقَعَ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنَدُ التَّسْمِيَةِ فِيهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ الْقِيَاسَ، بَلِ الْعَرَبُ وَضَعَتْ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ لِلْأَجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لَا أَنَّهَا وَضَعَتْهَا لِلْمُعَيَّنِ ثُمَّ طُرِدَ الْقِيَاسُ فِي الْبَاقِي.
وَجَوَابُ الثَّالِثِ: بِمَنْعِ الْعُمُومِ فِي كُلِّ اعْتِبَارٍ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي الْمُعْتَبَرِ (١)، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقِيَاسُ فِي اللُّغَةِ، وَأَمَّا النَّقْضُ بِالْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ فَغَيْرُ مُتَّجِهٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اجْتِمَاعَ الْأُمَّةِ مِنَ السَّلَفِ عِنْدَنَا أَوْجَبَ الْإِلْحَاقَ عِنْدَ ظَنِّ الِاشْتِرَاكِ فِي عِلَّةِ حُكْمِ الْأَصْلِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعٌ لَمْ يَكُنْ قِيَاسٌ، وَلَا إِجْمَاعَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْأُمَّةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْإِلْحَاقِ، فَلَا قِيَاسَ.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الشَّافِعِيِّ ﵁ النَّبِيذَ خَمْرًا، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدًا إِلَى الْقِيَاسِ، بَلْ إِلَى قَوْلِهِ ﵇: (إِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْرًا) (٢)، وَهُوَ تَوْقِيفٌ لَا قِيَاسٌ، وَإِيجَابُهُ لِلْحَدِّ فِي اللِّوَاطِ وَفِي النَّبْشِ، لَمْ يَكُنْ لِكَوْنِ اللِّوَاطِ زِنًى وَلَا لِكَوْنِ النَّبْشِ سَرِقَةً، بَلْ لِمُسَاوَاةِ اللِّوَاطِ لِلزِّنَى وَالنَّبْشِ لِلسَّرِقَةِ فِي الْمَفْسَدَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِلْحَدِّ الْمُعْتَبَرِ فِي الشَّرْعِ.
وَأَمَّا يَمِينُ الْغَمُوسِ، فَإِنَّمَا سُمِّيَتْ يَمِينًا لَا بِالْقِيَاسِ بَلْ بِقَوْلِهِ ﷺ: (الْيَمَنُ الْغَمُوسُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ) (٣) فَكَانَ ذَلِكَ بِالتَّوْقِيفِ.
_________
(١) لِأَنَّ قَوْلَهُ " فَاعْتَبِرُوا " فِعْلٌ فِي الْإِثْبَاتِ، فَلَا يُفِيدُ الْعُمُومَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: يَا أُولِي الْأَلْبَابِ فَإِنَّهُ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ.
(٢) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: (وَإِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْرًا) . وَفِي سَنَدِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، صَدُوقٌ لَيِّنُ الْحِفْظِ
(٣) قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: مُنْكَرٌ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِلَفْظِ: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بِلَاقِعَ.
1 / 59