Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
42

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

لَا نَفْسُ الصَّلَاةِ، فَلَا تَغْيِيرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا كَانَتْ تَدُلُّ عَلَى التَّصْدِيقِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَدْلُولَهَا، وَذَلِكَ مَجَازٌ مِنْ وَضْعِ اللُّغَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ لَا يَتَنَاوَلُ كُلَّ مُؤْمِنٍ بَلْ مَنْ آمَنَ مَعَ النَّبِيِّ ﵇ (١) وَهُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَأُولَئِكَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمْ مَا دَلَّ صَدْرُ الْآيَةِ عَلَيْهِ، مِنَ الْحِرَابِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالسَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ الَّذِي أَوْجَبَ دُخُولَ النَّارِ فِي الْآيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْخِزْيِ عَمَّنْ آمَنَ مَعَ النَّبِيِّ نَفْيُهُ عَنْ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الْمُكَلَّفَ يُوصَفُ بِالْإِيمَانِ حَالَةَ كَوْنِهِ غَافِلًا عَنِ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِكَوْنِهِ كَانَ مُصَدِّقًا وَأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى التَّصْدِيقِ، وَهُوَ جِهَةٌ مِنْ جِهَاتِ التَّجَوُّزِ. وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الْحَقِيقَةُ، فَقَدْ سَبَقَ جَوَابَهُ، كَيْفَ وَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُمْ فِي كُلِّ مَا يُفَسِّرُونَ الْإِيمَانَ بِهِ، وَمَعَ اتِّحَادِ الْمَحْذُورِ فَتَقْرِيرُ الْوَضْعِ أَوْلَى. وَالْمُصَدِّقُ بِشَرِيكِ الْإِلَهِ تَعَالَى لَيْسَ مُؤْمِنًا شَرْعًا ; لِأَنَّ الْإِيمَانَ فِي الشَّرْعِ مُطْلَقٌ لَيْسَ تَصْدِيقٌ بَلْ تَصْدِيقٌ خَاصٌّ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، هُوَ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الِاسْمِ بِبَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ فِي اللُّغَةِ، فَكَانَ مَجَازًا لُغَوِيًّا، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ مِنَ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ وَالْكُفْرِ بِرَسُولِهِ، حَيْثُ إِنَّ مُسَمَّى الْإِيمَانِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يُوجَدْ. وَإِذَا عُرِفَ ضَعْفُ الْمَأْخَذِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَالْحَقُّ عِنْدِي فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ إِمْكَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ. وَأَمَّا تَرْجِيحُ الْوَاقِعِ مِنْهُمَا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِي تَحْقِيقُهُ. (٢)

(١) بَلْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِهِ فِي زَمَنِهِ، وَبَعْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمَعِيَّةُ فِي عَدَمِ الْخِزْيِ، وَفِي أَتْبَاعِهِ وَلَوْ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَكْرَمَ اللَّهُ مَنْ آمَنَ فِي عَهْدِهِ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِهِمْ وَوَعْدُهُ شَامِلٌ الْجَمِيعَ. (٢) مِنْ تَجَاوَزَ حَدَّهُ فِي بَحْثِهِ، وَاعْتَبَرَ كُلَّ احْتِمَالٍ يَخْطُرُ بِبَالِهِ، وَكَثُرَ فِي ذَلِكَ جَدَلًا تَضَارَبَتْ لَدَيْهِ الْآرَاءُ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ الْحَيْرَةُ.

1 / 44