376

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قول الصَّحَابِيُّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِكَذَا أَوْ يَنْهَى عَنْ كَذَا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ
إِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُ بِكَذَا أَوْ يَنْهَى عَنْ كَذَا) اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ حُجَّةً.
فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّ الِاحْتِجَاجَ إِنَّمَا هُوَ بِلَفْظِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ " سَمِعْتُهُ يَأْمُرُ وَيَنْهَى " لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي صِيَغِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَ صِيغَةً اعْتَقَدَ أَنَّهَا أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَأْمُرُ بِشَيْءٍ، أَوْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِأَحَدِ أَضْدَادِهِ، فَنَقَلَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَلَيْسَ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ عِنْدَ غَيْرِهِ.
وَالَّذِي عَلَيْهِ اعْتِمَادُ الْأَكْثَرِينَ، أَنَّهُ حُجَّةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ مَعَ عَدَالَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِأَوْضَاعِ اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ إِلَّا مَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، نَفْيًا لِلتَّدْلِيسِ وَالتَّلْبِيسِ عَنْهُ بِنَقْلِ مَا يُوجِبُ عَلَى سَامِعِهِ اعْتِقَادَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِيمَا لَا يَعْتَقِدُهُ أَمْرًا وَلَا نَهْيًا.

2 / 96