362

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

الثَّالِثُ، الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ وَلَيْسَ الْعَمَلُ بِعُمُومِ أَحَدِ النَّصَّيْنِ وَتَأْوِيلِ الْآخَرِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، بَلِ الْعَمَلُ بِالْآيَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ وَمَا ذَكَرُوهُ آحَادٌ.
وَعَنِ الْخَبَرِ الثَّانِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِ الْأَعْرَابِيِّ سِوَى الْإِسْلَامِ.
وَعَنِ الْإِجْمَاعِ، لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَبِلُوا رِوَايَةَ أَحَدٍ مِنَ الْمَجَاهِيلِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَلِهَذَا، رَدُّوا رِوَايَةَ مَنْ جَهِلُوهُ كَرَدِّ عُمَرَ شَهَادَةَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، (١) وَرَدِّ عَلِيٍّ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ.
وَعَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنَ الْمَعْقُولِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ صُوَرِ الِاسْتِشْهَادِ وَمَحَلِّ النِّزَاعِ.
وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ الْأَوَّلُ: أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَعْلَى رُتْبَةً وَأَشْرَفُ مَنْصِبًا مِنَ الْإِخْبَارِ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الصُّوَرِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْقَبُولِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِ الرَّاوِي فِيمَا هُوَ أَدْنَى الرُّتْبَتَيْنِ قَبُولُهُ فِي أَعْلَاهِمَا.
الثَّانِي: أَنَّ الْإِخْبَارَ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الصُّوَرِ مَقْبُولٌ مَعَ ظُهُورِ الْفِسْقِ، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
وَعَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي: مِنَ الْمَعْقُولِ بِمَنْعِ قَبُولِ رِوَايَتِهِ دُونَ الْخِبْرَةِ بِحَالِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَذُوبًا، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَبْعِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: رِوَايَتُهُ فِي مَبْدَأِ إِسْلَامِهِ، فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي حَالَةِ دَوَامِهِ، لِمَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ وَدَوَامِهِ مِنْ رِقَّةِ الْقَلْبِ، وَشِدَّةِ الْأَخْذِ بِمُوجِبَاتِهِ، وَالْحِرْصِ عَلَى امْتِثَالِ مَأْمُورَاتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَنْهِيَّاتِهِ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي أَمْرٍ مَحْبُوبٍ وَالْتَزَمَهُ، فَإِنَّ غَرَامَهُ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ يَكُونُ أَشَدَّ مِنْهُ فِي دَوَامِهِ.

(١) فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَوَّلًا لَيْسَتْ مَجْهُولَةَ الْحَالِ عِنْدَ عُمَرَ، وَإِنَّمَا رَدَّ حَدِيثَهَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا، وَثَانِيًا هِيَ صَحَابِيَّةٌ؛ وَالصَّحَابَةُ عُدُولٌ

2 / 82