355

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

بِعُمُومِ كَوْنِ خَبَرِهِ ظَاهِرًا، أَوْ هُوَ مُخَالِفٌ لِخَبَرِ الْكَافِرِ الْخَارِجِ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالْفَاسِقُ إِذَا ظُنَّ صِدْقُهُ فَإِنَّ خَبَرَهُ لَا يَكُونُ مَقْبُولًا بِالْإِجْمَاعِ.
[الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ ضَبْطُهُ لِمَا يَسْمَعُهُ أَرْجَحَ مِنْ عَدَمِ ضَبْطِهِ]
ِ، وَذِكْرُهُ لَهُ أَرْجَحَ مِنْ سَهْوِهِ، لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ فِيمَا يَرْوِيهِ.
وَإِلَّا، فَبِتَقْدِيرِ رُجْحَانٍ مُقَابِلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ عَلَيْهِ أَوْ مُعَادَلَتِهِ لَهُ فَرِوَايَتُهُ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً لِعَدَمِ حُصُولِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ، إِمَّا عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ فَلِكَوْنِ صِدْقِهِ مَرْجُوحًا، وَإِمَّا عَلَى التَّقْدِيرِ الْآخَرِ فَلِضَرُورَةِ التَّسَاوِي.
وَإِنْ جُهِلَ حَالُ الرَّاوِي فِي ذَلِكَ، كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا هُوَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ الرُّوَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْأَغْلَبُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ.
فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ وَإِنْ غَلَبَ السَّهْوُ عَلَى الذِّكْرِ أَوْ تَعَادَلَا فَالرَّاوِي عَدْلٌ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا مَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِذِكْرِهِ لَهُ وَضَبْطِهِ.
وَلِهَذَا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ أَنْكَرَتْ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كَثْرَةَ رِوَايَتِهِ، حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا هُرَيْرَةَ، لَقَدْ كَانَ رَجُلًا مِهْزَارًا فِي حَدِيثِ الْمِهْرَاسِ (١) وَمَعَ ذَلِكَ قَبِلُوا أَخْبَارَهُ، لِمَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا مَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِضَبْطِهِ وَذِكْرِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخَبَرَ دَلِيلٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ الصِّحَّةُ، فَتَسَاوِي الضَّبْطِ وَالِاخْتِلَالِ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّحَّةِ، وَالشَّكُّ فِي ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْأَصْلِ، كَمَا إِذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا، ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ أَوْ طَاهِرٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ هَاهُنَا لَا يُتْرَكُ بِهَذَا الشَّكِّ.

(١) حَدِيثُ الْمِهْرَاسِ يُشِيرُ بِهِ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ مَنْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، وَمُرَاجَعَتُهُ فِيهِ هَذَا، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَمَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ الْهَذْرَ، وَلَا أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: مَا تَصْنُعُ بِالْمِهْرَاسِ؟ إِنَّمَا سَأَلَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ قَيْنٌ الْأَشْجَعِيُّ - انْظُرْ مُسْنَدَ أَحْمَدَ، وَرَدَّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الْمُعَلِّمِيِّ عَلَى أَبِي رَيَّةَ، وَمَا كَتَبَهُ الدُّكْتُورُ مُصْطَفَى السِّبَاعِيُّ فِي الْجُزْءِ التَّاسِعِ مِنَ الْمُجَلَّدِ الْعَاشِرِ مِنْ مَجَلَّةِ الْمُسْلِمُونَ.

2 / 75