Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1402 AH
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ الَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَقْلًا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ
الَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَقْلًا، اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ:
فَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهُ؛ كَالْقَاسَانِيِّ وَالرَّافِضَةِ وَابْنِ دَاوُدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ.
وَالْقَائِلُونَ بِثُبُوتِهِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَدِلَّةَ السَّمْعِ دَلَّتْ عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ وُقُوعِهِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ، فَأَثْبَتَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْقَفَّالُ وَابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ (١) مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَنَفَاهُ الْبَاقُونَ. وَفَصَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ بَيْنَ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى مَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَمَا لَا يَسْقُطُ بِهَا: فَمَنَعَ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ، وَجَوَّزَهُ فِي الثَّانِي.
فَأَمَّا مَنْ قَالَ بِكَوْنِهِ حُجَّةً فَقَدِ احْتَجُّوا بِحُجَجٍ ضَعِيفَةٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا فِيهَا، ثُمَّ نَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ الْمُخْتَارُ.
الْحُجَّةُ الْأُولَى: مِنْ جِهَةِ الْمَعْقُولِ وَهِيَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَهِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْعُقَلَاءُ يَعْلَمُونَ وُجُوبَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمُوا وُجُوبَ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ عَلِمُوا عِلَّةَ وُجُوبِهِ، وَلَا عِلَّةَ لِذَلِكَ سِوَى أَنَّهُمْ ظَنُّوا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ تَفْصِيلَ جُمْلَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالْعَقْلِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالْعَقْلِ وُجُوبُ التَّحَرُّزِ مِنَ الْمَضَارِّ وَحُسْنِ اجْتِلَابِ الْمَنَافِعِ.
فَإِذَا ظَنَنَّا صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَنَا بِمَضَرَّةٍ يَلْزَمُنَا أَنْ لَا نَشْرَبَ الدَّوَاءَ الْفُلَانِيَّ، وَأَنْ لَا نَفْصِدَ، وَأَنْ لَا نَقُومَ مِنْ تَحْتِ حَائِطٍ مُسْتَهْدَمٍ، فَقَدْ ظَنَنَّا تَفْصِيلًا لِمَا عَلِمْنَاهُ جُمْلَةً مِنْ وُجُوبِ التَّحَرُّزِ عَنِ الْمَضَارِّ.
وَبَيَانُ أَنَّ الْعِلَّةَ لِلْوُجُوبِ مَا ذَكَرَهُ دَوَرَانُهَا مَعَهَا وُجُودًا وَعَدَمًا، وَذَلِكَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا فِي
(١) الْقَفَّالُ هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْكَبِيرُ الشَّاشِيُّ الشَّافِعِيُّ، وُلِدَ ٢٩١، وَمَاتَ ٣٦٥، وَابْنُ سُرَيْجٍ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيُّ، مَاتَ ٣٠٦، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّيِّبُ الشَّافِعِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ أَلَّفَ كِتَابَ " الْمُعْتَمَدِ " فِي الْأُصُولِ مَاتَ ٢٦٣.
2 / 51