Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1402 AH
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ شروط التواتر]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ
اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِحُصُولِ الْعِلْمِ عَنِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ عَلَى شُرُوطٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي شُرُوطٍ.
فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، فَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُخْبِرِينَ، وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُسْتَمِعِينَ.
فَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُخْبِرِينَ، فَأَرْبَعَةُ شُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونُوا قَدِ انْتَهَوْا فِي الْكَثْرَةِ إِلَى حَدٍّ يَمْتَنِعُ مَعَهُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِمَا أَخْبَرُوا بِهِ لَا ظَانِّينَ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُمْ مُسْتَنِدًا إِلَى الْحِسِّ، لَا إِلَى دَلِيلِ الْعَقْلِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَسْتَوِيَ طَرَفَا الْخَبَرِ وَوَسَطُهُ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ مُسْتَقِلٌ بِنَفْسِهِ، فَكَانَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةً فِيهِ.
وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُسْتَمِعِينَ، فَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَمِعُ مُتَأَهِّلًا لِقَبُولِ الْعِلْمِ بِمَا أُخْبِرَ بِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ.
غَيْرَ أَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ نَظَرِيٌّ؛ شَرَطَ تَقَدُّمَ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ.
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لَمْ يَشْتَرِطْ سَبْقَ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ عِنْدَهُ حَاصِلٌ عِنْدَ خَبَرِ التَّوَاتُرِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ خَلَقَ الْعِلْمَ لَهُ عُلِمَ أَنَّ الْخَبَرَ مُشْتَمِلٌ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُقْ لَهُ الْعِلْمَ عُلِمَ اخْتِلَالُ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا، فَضَابِطُ الْعِلْمِ بِتَكَامُلِ هَذِهِ الشُّرُوطِ حُصُولُ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ عِنْدَهُ، لَا أَنَّ ضَابِطَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ سَابِقَةُ (١) حُصُولِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي أَقَلِّ عَدَدٍ يَحْصُلُ مَعَهُ الْعِلْمُ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ مَا دُونُ ذَلِكَ، كَالْأَرْبَعَةِ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجُوزُ لِلْقَاضِي عَرْضُهَا عَلَى الْمُزَكِّينَ بِالْإِجْمَاعِ لِتَحْصِيلِ غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ حَاصِلًا بِقَوْلِ الْأَرْبَعَةِ، لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
وَقَدْ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ عَدَدٌ نَاقِصٌ، وَتَشَكَّكَ فِي الْخَمْسَةِ.
(١) سَابِقَةُ - صَوَابُهُ سَبَقَ.
2 / 25