269

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

قُلْنَا: الْمُحَالُ إِنَّمَا هُوَ تَخْطِئَةُ الْأُمَّةِ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا تَخْطِئَةُ كُلِّ بَعْضٍ فِيمَا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مُحَالًا، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ انْقِسَامُ الْأُمَّةِ إِلَى قِسْمَيْنِ، وَكُلُّ قِسْمٍ مُخْطِئٌ فِي مَسْأَلَةٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْأَكْثَرُونَ.
(شُبَهُ الْمُخَالِفِينَ)
الْأُولَى: أَنَّ اخْتِلَافَ الْأُمَّةِ عَلَى قَوْلَيْنِ دَلِيلُ تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ حَادِثٌ عَنْ الِاجْتِهَادِ فَكَانَ جَائِزًا.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ لَوِ انْقَرَضَ عَصْرُهُمْ وَكَانُوا قَدِ اسْتَدَلُّوا فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْمَسَائِلِ بِدَلِيلَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلتَّابِعِيِّ الِاسْتِدْلَالُ بِدَلِيلٍ ثَالِثٍ، فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: دَلِيلُ جَوَازِ إِحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثِ الْوُقُوعُ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ مِنَ الْأُمَّةِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِلْأُمِّ ثُلْثُ الْأَصْلِ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَقَالَ الْبَاقُونَ: لِلْأُمِّ ثُلْثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَقَدْ أَحْدَثَ التَّابِعُونَ قَوْلًا ثَالِثًا، فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ (١) بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ، وَقَالَ تَابِعِيٌّ آخَرُ بِالْعَكْسِ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ) (٢) عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ، فَأَحْدَثَ مَسْرُوقٌ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ مَذْهَبًا سَابِعًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ حُكْمٌ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الشُّبْهَةِ الْأُولَى: أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ: الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ.
وَعَنِ الثَّانِيَةِ بِالْفَرْقِ، وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِدَلِيلٍ ثَالِثٍ يُؤَكِّدُ مَا صَارَتْ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ مِنَ الْحُكْمِ، وَلَا يُبْطِلُهُ، بِخِلَافِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ.

(١) فِيهِ تَحْرِيفٌ فِي حِكَايَةِ قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ، وَالصَّوَابُ: فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ فِي زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ، بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ دُونَ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ.
(٢) انْظُرْ خِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فِي كِتَابِ " إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ ".

1 / 271