Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٢ هـ
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
وَالْجَوَابُ عَنِ الْمُعَارَضَةِ الْأُولَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَلِيلُ التَّابِعِينَ مَعْلُومًا لِلصَّحَابَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ وَاقِعَةُ الْحُكْمِ لَمْ تَقَعْ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِحُكْمِهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ فَتَعَرَّضُوا لِإِثْبَاتِ حُكْمِهَا بِنَاءً عَلَى مَا وَجَدُوهُ مِنَ الدَّلِيلِ الَّذِي كَانَ مَعْلُومًا لِلصَّحَابَةِ.
وَعَنِ الثَّانِيَةِ: أَنَّ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ أَهْلِ عَصْرٍ وَعَصْرٍ، وَقَوْلُهُ ﵇: " «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» (١) " لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاهْتِدَاءِ بِغَيْرِهِمْ إِلَّا بِطَرِيقِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ، وَالْمَفْهُومُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَضْلًا عَنْ مَفْهُومِ اللَّقَبِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ الْمَفْهُومِ.
وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ: " «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» " كَيْفَ وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ كَوْنَ إِجْمَاعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ مُخَالَفَةِ بَاقِي الصَّحَابَةِ لَهُمْ حُجَّةً قَاطِعَةً، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ مِنَ الصَّحَابَةِ؟
قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ ذَمَّ أَهْلَ الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ.
قُلْنَا: غَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ ظُهُورِ الْفَسَادِ وَالْكَذِبِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى خُلُوِّ كُلِّ عَصْرٍ مِمَّنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِ (٢)، وَأَنَّهُ (٣) إِذَا اتَّفَقَ أَهْلُ ذَلِكَ الْعَصْرِ عَلَى حُكْمٍ لَا يَكُونُونَ مَعْصُومِينَ عَنِ الْخَطَأِ فِيهِ.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ: مَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ تَصَوُّرِ الِاطِّلَاعِ عَلَى إِجْمَاعِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ.
وَعَنِ الرَّابِعَةِ: أَنَّهُ إِنْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَجْوِيزِ الْخِلَافِ مُطْلَقًا فَلَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُ إِجْمَاعِ التَّابِعِينَ عَلَى الْحُكْمِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْإِجْمَاعَيْنِ الْقَاطِعَيْنِ، وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ فَلَا تَنَاقُضَ.
وَعَنِ الْخَامِسَةِ: أَنَّهَا مُنْتَقِضَةٌ بِالْوَاحِدِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ
(١) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ تَعْلِيقًا ص ٢٣٢.
(٢) بَلْ دَلَّتِ الْأَحَادِيثُ عَلَى بَقَاءِ مَنْ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَإِنْ كَانَ كَثُرَ أَهْلُ الشَّرِّ، كَحَدِيثِ: " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً عَلَى الْحَقِّ. . . إِلَخْ
(٣) الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ مِنْ أَنَّ وَاسْمِهَا وَخَبَرِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى " خُلُوِّ ".
1 / 234