210

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِالْآيَةِ أَنَّهُ عَدَّلَهُمْ وَجَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَى النَّاسِ فِي قَبُولِ أَقْوَالِهِمْ كَمَا جُعِلَ الرَّسُولُ حُجَّةً عَلَيْنَا فِي قَبُولِ قَوْلِهِ عَلَيْنَا، وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً سِوَى كَوْنِ أَقْوَالِهِمْ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا وَصْفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ لِيَكُونُوا شُهَدَاءَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى النَّاسِ بِتَبْلِيغِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَيْهِمُ الرِّسَالَةَ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَالَتَهُمْ وَقَبُولَ شَهَادَتِهِمْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَالَةَ مَا يَشْهَدُونَ دُونَ حَالَةِ التَّحَمُّلِ فِي الدُّنْيَا. سَلَّمْنَا أَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ لَفْظُ عُمُومٍ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَكَانَتِ الْآيَةُ مُجْمَلَةً وَلَا حُجَّةَ فِي الْمُجْمَلِ. سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مُجْمَلَةً، وَلَكِنَّا قَدْ عَمِلْنَا بِهَا فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِإِيجَابِ النَّبِيِّ ﵇ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهِمْ وَتَكْلِيفِهِمْ بِمَا كَلَّفَهُمْ بِهِ فَلَا يَبْقَى حُجَّةٌ فِي غَيْرِهِ لِتَوْفِيَةِ الْعَمَلِ بِدَلَالَةِ الْآيَةِ. سَلَّمْنَا قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى عَدَالَةِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُمَّةِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ، وَهُوَ مُخَصَّصٌ بِالْإِجْمَاعِ بِالْفُسَّاقِ، وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، وَالْعَامِّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ، لَا يَبْقَى حُجَّةً عَلَى مَا سَيَأْتِي. (لَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ، سَلَّمْنَا أَنَّهَا تَبْقَى حُجَّةً بَعْدَ التَّخْصِيصِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَعِصْمَتِهِمْ عَنِ الْخَطَأِ بَاطِنًا) (١) بَلْ ظَاهِرًا فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ. سَلَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عِصْمَتِهِمْ عَنِ الْخَطَأِ مُطْلَقًا لَكِنْ فِيمَا يَشْهَدُونَ بِهِ لَا فِيمَا يَحْكُمُونَ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ فِي شَيْءٍ وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ. سَلَّمْنَا قَبُولَ قَوْلِهِمْ مُطْلَقًا، غَيْرَ أَنَّ الْخِطَابَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ جَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِمَّا مَعَ الْمَوْجُودِينَ فِي وَقْتِ الْخِطَابِ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَلَا حُجَّةَ فِي إِجْمَاعِ كُلِّ عَصْرٍ إِذْ لَيْسُوا كُلَّ الْأُمَّةِ.

(١) فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ: سَلَّمْنَا أَنَّهَا تَبْقَى حُجَّةً بَعْدَ التَّخْصِيصِ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَالَتِهِمْ، وَعِصْمَتِهِمْ عَنِ الْخَطَأِ بَاطِنًا.

1 / 212