Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
2

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

مُبَاحَثَاتِ الْفُضَلَاءِ، وَمُطَارَحَاتِ النُّبَلَاءِ حَتَّى لَانَ مِنْ مَعْرَكِهَا مَا اسْتُصْعِبَ عَلَى الْمُتَدَرِّبِينَ، وَظَهَرَ مِنْهَا مَا خَفِيَ عَلَى حُذَّاقِ الْمُتَبَحِّرِينَ، وَأَحَطْتُ مِنْهَا بِلُبَابِ الْأَلْبَابِ، وَاحْتَوَيْتُ مِنْ مَعَانِيهَا عَلَى الْعَجَبِ الْعُجَابِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجْمَعَ فِيهَا كِتَابًا حَاوِيًا لِجَمِيعِ مَقَاصِدِ قَوَاعِدِ الْأُصُولِ. مُشْتَمِلًا عَلَى حَلِّ مَا انْعَقَدَ مِنْ غَوَامِضِهَا عَلَى أَرْبَابِ الْعُقُولِ، مُتَجَنِّبًا لِلْإِسْهَابِ وَغَثِّ الْإِطْنَابِ، مُمِيطًا لِلْقِشْرِ عَنِ اللُّبَابِ خِدْمَةً (١) لِمَوْلَانَا السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ الْمُكَرَّمِ ; سُلْطَانِ الْأَجْوَادِ وَالْأَمْجَادِ، أَجَلِّ الْعَالَمِ، وَأَفْضَلِ مَنْ تَمْتَدُّ إِلَيْهِ أَعْنَاقُ الْهِمَمِ وَالْعَزَائِمِ، مَلِكِ أَرْبَابِ الْفَضَائِلِ، نَاقِدِ خَلَاصِ الْأَفَاضِلِ، بَاعِثِ أَمْوَاتِ الْخَوَاطِرِ، نَاشِرِ رُفَاتِ الْعُلُومِ الدَّوَاثِرِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي حَازَ بِهَا قَصَبَ سَبْقِ الْأَوَّلِينَ، وَالْمَنَاقِبِ الَّتِي يَقِفُ دُونَ إِحْصَائِهَا عَدُّ الْحَاصِرِينَ. فَبِيَدِهِ زِمَامُهَا، وَإِلَيْهِ حَلُّهَا وَإِبْرَامُهَا، وَبِهِ كَشْفُ أَغْوَارِهَا، وَالْمَيْزُ بَيْنَ ظُلْمِهَا وَأَنْوَارِهَا (٢) أَدَامَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ إِدَامَةً لَا تَغْرُبُ طَوَالِعُهَا، وَلَا تَنْضُبُ مَشَارِعُهَا، وَإِنْ كُنْتُ فِي ضَرْبِ الْمِثَالِ كَحَامِلِ تَمْرٍ إِلَى هَجَرَ أَوْ طَلٍّ إِلَى مَطَرٍ، لَكِنَّهُ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْقَدْرِ، وَغَايَةُ مَنَالِ أَفْكَارِ الْبَشَرِ (٣) وَأَرْجُو أَنْ يُصَادِفَ مِنْهُ الْقَبُولَ، وَأَنْ يَقَعَ مِنْهُ الْإِغْضَاءُ عَمَّا فِيهِ مِنَ الْغَفْلَةِ وَالذُّهُولِ. (وَسَمَّيْتُهُ كِتَابَ الْإِحْكَامِ فِي أُصُولِ الْأَحْكَامِ) وَقَدْ جَعَلَتْهُ مُشْتَمِلًا عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ: الْأُولَى: فِي تَحْقِيقِ مَفْهُومِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَمَبَادِيهِ.

(١) لَوْ أَلَّفَ كِتَابَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَخِدْمَةً لِدِينِهِ، وَرَجَا مِنْهُ قَبُولَهُ وَالْمَثُوبَةَ مِنْهُ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ لِلسُّلْطَانِ إِعْظَامًا لَهُ، وَلَيْسَ كَمَنْ يَكْتُبُ لِتَلَامِيذِهِ تَعْلِيمًا لَهُمْ وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ " وَإِنْ كُنْتُ فِي ضَرْبِ الْمِثَالِ كَحَامِلِ تَمْرٍ إِلَى هَجَرَ أَوْ طَلٍّ إِلَى مَطَرٍ ". (٢) فِي ثَنَائِهِ عَلَى السُّلْطَانِ إِطْرَاءٌ لَا تُقِرُّهُ الشَّرِيعَةُ، وَهَذَا مِمَّا ابْتُلِيَتْ بِهِ الْأُمَّةُ فِي عُصُورِ ضَعْفِ الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَارْتِمَاءِ الْعُلَمَاءِ فِي أَحْضَانِ الْحُكَّامِ. (٣) فِي ذَلِكَ إِطْرَاءٌ لِنَفْسِهِ وَزَهْوٌ وَإِعْجَابٌ بِتَأْلِيفِهِ وَادِّعَاءٌ لِمَا يُكَذِّبُهُ الْوَاقِعُ

1 / 4