Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
166

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخِطَابَ بِالْقُرْآنِ كَمَا هُوَ مَعَ الْعَرَبِ فَهُوَ مَعَ الْعَجَمِ مَفْهُومٌ لَهُمْ (١) . قُلْنَا: مَنْ قَالَ بِجَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ (٢) .، جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَهُ مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلْمُخَاطَبِ وَلَا بَيَانَ لَهُ (٣) .، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا لَا مَعْنَى لَهُ أَصْلًا لِكَوْنِهِ هَذَيَانًا. وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزِ التَّكْلِيفَ بِمَا لَا يُطَاقُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِخْرَاجِ الْقُرْآنِ عَنْ كَوْنِهِ بَيَانًا لِلنَّاسِ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَفْهُومٍ. وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَجُرُّ إِلَى عَدَمِ الْوُثُوقِ بِشَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ مَا مِنْ خَبَرٍ إِلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ. وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلشَّرِيعَةِ مُطْلَقًا. وَأَجَابَ عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى بِأَنَّ الْوَاوَ فِيهَا لِلْعَطْفِ (٤) .، وَأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا (٥) . فِي الْعَوْدِ إِلَى جُمْلَةِ الْمَذْكُورِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي تَخْصِيصِهِ بِإِخْرَاجِ الرَّبِّ تَعَالَى عَنْهُ، بِدَلِيلِ الْعَقْلِ، الْمُحِيلِ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ. وَأَمَّا بَاقِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ، فَكُلُّهَا كِنَايَاتٌ وَتَجَوُّزَاتٌ مَفْهُومَةٌ لِلْعَرَبِ بِأَدِلَّةٍ صَارِفَةٍ إِلَيْهَا، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْكَلَامِيَّاتِ (٦) [الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الاختلاف في اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى أَلْفَاظٍ مَجَازِيَّةٍ وَكَلِمَاتٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ] الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى أَلْفَاظٍ مَجَازِيَّةٍ وَكَلِمَاتٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ. وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ فِيهِمَا فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى فِي " الْمَبَادِئِ اللُّغَوِيَّةِ ".

(١) آيَاتُ الْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهَا الْعَجَمُ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ مِنَ النُّصُوصِ مُبَاشَرَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَفْهَمُوهَا بِتَفْسِيرِهَا لَهُمْ بِلُغَتِهِمْ، وَإِذَنْ لَا يَكُونُ الْعَيْبُ فِيهَا، وَلَكِنْ فِي تَصَوُّرِهِمْ. (٢) ٨ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ تَعْلِيقًا ص: ١٥١، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَوَّزَهُ عَقْلًا مَنَعَ وُقُوعَ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ عَادَةً، وَلِذَاتِهِ شَرْعًا، فَلَا يَتَأَتَّى عَدَمُ الْبَيَانِ فِي نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ (٣) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ تَعْلِيقًا ص: ١٥١، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَوَّزَهُ عَقْلًا مَنَعَ وُقُوعَ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ عَادَةً، وَلِذَاتِهِ شَرْعًا، فَلَا يَتَأَتَّى عَدَمُ الْبَيَانِ فِي نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ (٤) الْمَعْنَى صَحِيحٌ عَلَى الْعَطْفِ وَالِاسْتِئْنَافِ، انْظُرِ الْكَلَامَ عَلَى الْآيَةِ فِي التَّدْمُرِيَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَتَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ (٥) لَيْسَتِ الْجُمْلَةُ ظَاهِرَةً فِي عَوْدِ ضَمِيرِ، يَقُولُونَ: إِلَى اللَّهِ وَالرَّاسِخِينَ، بَلْ هِيَ صَرِيحَةٌ فِي عَوْدِهِ إِلَى الرَّاسِخِينَ ; لِأَنَّ جُمْلَةَ " كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا " مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ، وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا عَلَى طَرِيقِ الْخَبَرِ عَنِ الرَّاسِخِينَ، ثَنَاءً عَلَيْهِمْ، فَكَانَ الْقُرْآنُ مُسْتَغْنِيًا فِي بَيَانِهِ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنِ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ دَلِيلُ الْعَقْلِ كَانَ مِنْ تَضَافُرِ النَّقْلِ وَالْعَقْلِ (٦) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ تَعْلِيقًا ص: ١٦٦.

1 / 168