Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
161

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هل البسملة من القرآن] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، فَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ. لَكِنَّ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ كُتِبَتْ مَعَ الْقُرْآنِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا (١) . وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّهَا هَلْ هِيَ آيَةٌ بِرَأْسِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، أَوْ هِيَ مَعَ أَوَّلِ آيَةٍ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ آيَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ سُورَةِ النَّمْلِ. وَقَضَى بِتَخْطِئَةِ مَنْ قَالَ بِأَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ سُورَةِ النَّمْلِ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِ النَّصِّ الْقَاطِعِ بِإِنْكَارِ ذَلِكَ. وَالْحُجَّةُ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ. وَلِذَلِكَ نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَعْرِفُ خَتْمَ سُورَةٍ، وَابْتِدَاءَ أُخْرَى حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» "، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ حَيْثُ أُنْزِلَتْ. الثَّانِي: أَنَّهَا كَانَتْ تُكْتَبُ بِخَطِّ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى مَنْ كَتَبَهَا بِخَطِّ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ مَعَ تَخَشُّنِهِمْ فِي الدِّينِ وَتَحَرُّزِهِمْ فِي صِيَانَةِ الْقُرْآنِ عَمَّا لَيْسَ مِنْهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ أَثْبَتَ أَوَائِلَ السُّوَرِ وَالتَّعْشِيرَ وَالنَّقْطَ. وَذَلِكَ كُلُّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا حَيْثُ كُتِبَتْ مَعَ الْقُرْآنِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ أَنَّهَا مِنْهُ. الثَّالِثُ: مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " سَرَقَ الشَّيْطَانُ مِنَ النَّاسِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ لَمَّا أَنْ تَرَكَ بَعْضُهُمْ قِرَاءَةَ التَّسْمِيَةِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ "، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ، فَدَلَّ عَلَى كَوْنِهَا مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ.

(١) مَعْنَاهُ أَمْ لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ.

1 / 163