Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
142

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

وَعَلَى هَذَا فَالْإِيمَانُ مِنْ قَضَائِهِ بِجَمِيعِ هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ وَهُوَ حَقٌّ، وَأَمَّا الْكُفْرُ فَلَيْسَ مِنْ قَضَائِهِ بِمَعْنَى كَوْنِهِ مَأْمُورًا بَلْ بِمَعْنَى خَلْقِهِ وَإِرَادَةِ وُقُوعِهِ، وَهُوَ حَقٌّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. (١) وَعَنِ الْإِلْزَامِ بِالرِّضَا أَنَّهُ رَاضٍ بِالْإِيمَانِ، وَغَيْرُ رَاضٍ بِالْكُفْرِ. وَعَنِ الْمَنْقُولِ بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ غَايَتُهُ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْعَبْدِ حَقِيقَةً، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فَإِنَّ الْفَاعِلَ عِنْدَنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ مَنْ وَقَعَ الْفِعْلُ مَقْدُورًا لَهُ (٢)، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمُوجِدِ. وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْمَسْلَكِ الثَّانِي بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْفِعْلِ بِمُلَازَمَةِ الْوُجُودِ الْمَقْدُورِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُعْلَمُ وَجُودُهُ مَقْدُورًا لَا غَيْرَ مَقْدُورٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَدَمِ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سَلْبَ اخْتِيَارِهِ فِي فِعْلِهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا عُلِمَ وُقُوعُ فِعْلِ الْعَبْدِ مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ، وَالْمُعَارَضَاتُ فَقَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْهَا. [الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ أَنْ يَكُونَ شَرْطُهُ حَاصِلًا حَالَةَ التَّكْلِيفِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ أَنْ يَكُونَ شَرْطُهُ (٣) حَاصِلًا حَالَةَ التَّكْلِيفِ، بَلْ لَا مَانِعَ مِنْ وُرُودِ التَّكْلِيفِ بِالْمَشْرُوطِ وَتَقْدِيمِ (٤) شَرَطِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَائِزٌ عَقْلًا وَوَاقِعٌ سَمْعًا. خِلَافًا لِأَكْثَرِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَبِي حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَذَلِكَ كَتَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ حَالَةَ كُفْرِهِمْ.

(١) أَمْثِلَةُ إِطْلَاقَاتِ الْقَضَاءِ كَمَا يَلِي: ١ - (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ) الْآيَةَ. ٢ - (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) . ٣ - (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) . ٤ - (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) . ٥ - (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) . وَقَضَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. قَضَى دَيْنَهُ، وَبِهَذِهِ الْأَمْثِلَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَعْنَى رَاجِعٌ لِاخْتِلَاف التَّعْدِيَةِ وَاللُّزُومِ وَاخْتِلَافِ مَدْخُولِهَا وَالْحَرْفِ الَّذِي تَعَدَّتْ بِهِ. (٢) الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْفِعْلُ بِقُدْرَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَمَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ. (٣) أَيْ: شَرْطُ صِحَّتِهِ فِي اعْتِبَارِ الشَّرْعِ، لَا شَرْطُ وُجُوبِهِ، كَالْبُلُوغِ لِلصَّلَاةِ، وَلَا الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ كَمَا فِي حَدِيثِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَالتَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُودِهِمَا. (٤) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَالْمَعْنَى تَكْلِيفُ الشَّخْصِ بِالْمَشْرُوطِ كَالصَّلَاةِ، وَبِتَقْدِيمِ شَرْطِ صِحَّتِهَا كَالْإِسْلَامِ عَلَى أَدَائِهَا.

1 / 144