Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٢ هـ
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ بِعَيْنِهَا أَيْضًا لَازِمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ اللَّهِ ; إِذْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: فِعْلُ اللَّهِ، إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ أَوْ يَكُونَ، وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَفْتَقِرَ إِلَى مُرَجِّحٍ أَوْ لَا، وَإِنِ افْتَقَرَ إِلَى مُرَجِّحٍ: فَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ عَادَ التَّقْسِيمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ فَإِمَّا أَنْ يَجِبَ وُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَهُ أَوْ لَا يَجِبُ، وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى آخِرِهِ، وَالْجَوَابُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا.
وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ أَيْضًا لَازِمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ اللَّهِ مَعَ أَنَّهَا مَقْدُورَةٌ لَهُ إِجْمَاعًا. (١) وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَيَلْزَمُ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ قُدْرَةُ الرَّبِّ تَعَالَى حَادِثَةً مَوْجُودَةً مَعَ فِعْلِهِ لَا قَبْلَهُ، وَهُوَ مَعَ إِحَالَتِهِ فَقَائِلُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: لَوْ وُجِدَتْ قُدْرَةُ الرَّبِّ قَبْلَ وُجُودِ فِعْلِهِ لَكَانَ لَهَا مُتَعَلِّقٌ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقَهَا الْعَدَمُ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الْوُجُودِ، وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ قَبْلَ الْفِعْلِ، بِعَيْنِ مَا ذَكَرُوهُ.
وَأَمَّا الْخَامِسَةُ: فَأَشَدُّ ضَعْفًا مِمَّا قَبْلَهَا ; إِذْ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى امْتِنَاعِ اكْتِسَابِ التَّصَوُّرَاتِ، وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ فِي كِتَابِ " دَقَائِقِ الْحَقَائِقِ " إِبْطَالًا لَا رِيبَةَ فِيهِ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْكِتَابُ، فَعَلَى النَّاظِرِ بِمُرَاجَعَتِهِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا تَكُونَ التَّصَوُّرَاتُ مُكْتَسَبَةً، فَالْعِلْمُ بِهَا يَكُونُ حَاصِلًا بِالضَّرُورَةِ. وَالتَّكْلِيفُ بِالنَّظَرِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى مَا يَنْقَطِعُ التَّسَلْسُلُ عِنْدَهُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ الضَّرُورِيَّةِ لَا يَكُونُ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ مَسْلَكَانِ:
الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ خَالِقٍ لِفِعْلِهِ فَكَانَ مُكَلَّفًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ (٢) وَهُوَ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَبَيَانُ أَنَّهُ غَيْرُ خَالِقٍ لِفِعْلِهِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَالِقًا لِفِعْلِهِ فَلَيْسَ خَالِقًا لَهُ بِالذَّاتِ وَالطَّبْعِ إِجْمَاعًا بَلْ بِالِاخْتِيَارِ، وَالْخَالِقُ بِالِاخْتِيَارِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِمَخْلُوقِهِ بِالْإِرَادَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُرِيدًا لَهُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ ضَرُورَةً، وَالْعَبْدُ غَيْرُ عَالِمٍ
(١) أَجَابَ عَنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِالنَّقْضِ ; حَيْثُ بَيَّنَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الدَّلِيلَيْنِ وُجِدَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ النِّزَاعِ فَتَخَلَّفَتْ عَنْهُ النَّتِيجَةُ إِجْمَاعًا. (٢) تَقَدَّمَ فِي ص ١٣٤ بَيَانُ أَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
1 / 140