Le perfectionnement dans les fondements des jugements

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
127

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٢ هـ

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

قُلْنَا: مَعْرِفَةُ السَّبَبِيَّةِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْخِطَابِ (١) أَوْ إِلَى الْحِكْمَةِ الْمُلَازِمَةِ لِلْوَصْفِ مَعَ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِهَا فِي صُورَةٍ (٢)، فَلَا تَسْتَدْعِي سَبَبًا آخَرَ يُعَرِّفُهَا حَتَّى يَلْزَمَ الدَّوْرُ أَوِ التَّسَلْسُلُ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا يَكُونُ دَفْعُ إِشْكَالِ الثَّانِي (٣) أَيْضًا. (٤) وَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنَ الْإِشْكَالِ الثَّالِثِ: فَالْوَجْهُ فِي دَفْعِهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ الْمُعَرِّفَةَ لِلسَّبَبِيَّةِ لَيْسَ مُطْلَقَ حِكْمَةٍ بَلِ الْحِكْمَةُ الْمَضْبُوطَةُ بِالْوَصْفِ الْمُقْتَرِنِ بِالْحُكْمِ، فَلَا تَكُونُ بِمُجَرَّدِهَا مَعْرِفَةً لِلْحُكْمِ، فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ خَفِيَّةً غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ بِنَفْسِهَا وَلَا بِمَلْزُومِهَا مِنَ الْوَصْفِ، فَلَا يُمْكِنُ تَعْرِيفُ الْحُكْمِ بِهَا لِعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى مَا بِهِ التَّعْرِيفُ لِاضْطِرَابِهَا وَاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ، وَمَا هَذَا شَأْنُهُ فَدَأْبُ (٥) الشَّارِعِ فِيهِ رَدُّ النَّاسِ إِلَى الْمَظَانِّ الظَّاهِرَةِ الْمُنْضَبِطَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِاحْتِمَالِ الْحِكْمَةِ دَفْعًا لِلْعُسْرِ وَالْحَرَجِ عَنْهُمْ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْهُ: فَالْوَجْهُ فِي دَفْعِهِ أَنْ يُقَالَ: الْحِكْمَةُ إِذَا كَانَتْ مَضْبُوطَةً بِالْوَصْفِ فَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِنَفْسِهَا غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ إِلَى مُعَرِّفٍ آخَرَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِهَا عَلَى وُرُودِ الشَّرْعِ أَنْ تَكُونَ مُعَرِّفَةً لِلسَّبَبِيَّةِ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي الشَّرْعِ، وَلَا اعْتِبَارَ لَهَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَإِذَا عُرِفَ مَعْنَى السَّبَبِ شَرْعًا فَلَوْ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ فِي صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ فَهَلْ تَبْطُلُ سَبَبِيَّتُهُ أَمْ لَا؟ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فِيمَا بَعْدُ.

(١) مِثْلُ: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) . (٢) مِثْلُ سَبَبِيَّةِ الْغَضَبِ فِي مَنْعِ الْقَاضِي مِنَ الْحُكْمِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّشْوِيشِ الْمَانِعِ مِنْ دِقَّةِ النَّظَرِ وَاسْتِيفَاءِ وَسَائِلِ الْحُكْمِ كَمَا يَنْبَغِي. (٣) فَإِنَّ مَعْرِفَةَ السَّبَبِيَّةِ إِمَّا بِالْخِطَابِ وَلَا خِطَابَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَإِمَّا بِالْحِكْمَةِ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا الْوَصْفُ مَعَ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ، وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ. (٤) لَعَلَّهُ الْإِشْكَالُ الثَّانِي. (٥) لَوْ قَالَ: فَسُنَّةُ الشَّارِعِ فِيهِ. لَكَانَ أَنْسَبَ.

1 / 129