تنبأ مسيلمة الكذاب، وهم دون المدينة في وسط الشرق عن مكة على ستة عشر مرحلة من البصرة وعن الكوفة نحوها، وقوله: "أهواها"؛ مِنْ هَوَى يَهْوِي؛ سقط، وفي نسخة: أرداها؛ من ردى بمعنى تردى؛ أي: أغواها وأهلكها، والمراد بها أهلها، والظرفان له (^١).
وهذا البيت توطئة لسبب جمع القرآن، ورسم الفرقان، وهذا الكذاب الذي ادعى النبوة كان موجودًا في زمنه ﷺ لكن اشتهر أمره في زمن الصديق، وظهر خبره على يد صاحب التحقيق، وكان كَتَبَ إلى رسول الله ﷺ: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ﷺ، سلام عليك، فإني قد أشركت في الأمر معك؛ بأن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشًا يعتدون علينا) وكتب النبي ﷺ: (من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) (^٢) فلما وصل الكتاب، إلى الكذاب، كتمه عن أهل الخطاب، وقال -لغباوته-: وصل إليّ كتاب رسول الله ﷺ بالشركة معه وزوَّرَ كتابًا فقرأه عليهم فكذبه ثمامة بن مالك بقوله:
مسيلمةُ ارجعْ ولا تَمْحُكْ … فإنك في الأمر لم تُشْرَكْ
كذبت على الله في وَحْيِهِ … هواك هوى الأحمق الأَنْوَكْ
فما في السما لك من مصعد … ولا لك في الأرض من مَبْرَكْ (^٣)