Le Grand Hawi
الحاوي الكبير
Chercheur
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1419 AH
Lieu d'édition
بيروت
فَأَمَّا الْغُسْلُ فَقَدْ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَفَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَمَسْنُونٌ. فَأَمَّا فرض الأعيان فثلاثة:
الأول: غسل الجنابة، والثاني: وغسل الحيض، والثالث: غسل النِّفَاسِ، وَالنِّيَّةُ فِيهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتِ النِّيَّةُ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى كَانَ وُجُوبُهَا فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى أَوْلَى.
فَأَمَّا الْمَسْنُونُ فَغُسْلُ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَمَا يَسْتَوْفِي عَدَدَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَالنِّيَّةُ مُسْتَحَقَّةٌ لِيَمْتَازَ بِهَا عَمَّا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ مِنَ الْغُسْلِ، وَلِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ كَانْتِ النِّيَّةُ مُسْتَحَقَّةً فِي فَرْضِهَا كَانَتِ النِّيَّةُ مُسْتَحَقَّةً فِي نَفْلِهَا كالصلاة، والصيام.
وأما فرض الكفاية: فغسل الموتى، فالظاهر من مذهب الشافعي ﵁ أَنَّهُ يُجْزِئُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّ الْمُزَنِيَّ نَقَلَ عَنْهُ فِي " جَامِعِهِ الْكَبِيرِ ": أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا مَاتَ وَلَهُ زَوْجَةٌ ذِمِّيَّةٌ كَرِهَتْ أَنْ تُغَسِّلَهُ فَلَوْ غَسَّلَتْهُ أَجْزَأَ ".
فَلَوْ كَانَتِ النِّيَّةُ عِنْدَهُ شَرْطًا فِي جَوَازِ غُسْلِهِ لَمَا جَازَ أَنْ تُغَسِّلَهُ الذِّمِّيَّةُ، لِأَنَّ النِّيَّةَ مِنَ الذِّمِّيَّةِ لَا تَصِحُّ فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ فِعْلَ الطَّهَارَةِ إِذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا فِي بَدَنِ الْغَيْرِ سَقَطَتِ النِّيَّةُ عَنْ فَاعِلِ التطهير كالزوج إِذَا اسْتَحَقَّ غُسْلَ زَوْجَتِهِ الْمَجْنُونَةِ مِنْ حَيْضِهَا لِيَسْتَبِيحَ وَطْأَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ النِّيَّةُ فِي غُسْلِهَا.
وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ كَوُجُوبِهَا فِي غُسْلِ الْحَيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، لِأَنَّ غُسْلَ الْأَبْدَانِ إِذَا اسْتَحَقَّ تعبد الله تَعَالَى اسْتَحَقَّتِ النِّيَّةُ فِيهِ، كَالْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، وَلَوْ كَانَ غُسْلُ الْمَيِّتِ لَا يَسْتَحِقُّ النِّيَّةَ فِيهِ لَمَا وَجَبَ غُسْلُ الْغَرِيقِ لِوُصُولِ الْمَاءِ إِلَى جَسَدِهِ.
وَفِي اسْتِحْقَاقِ غُسْلِهِ بَعْدَ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى جَسَدِهِ، دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ النِّيَّةِ الْمَفْقُودَةِ فِي الْغُسْلِ الْأَوَّلِ، فَأَمَّا غُسْلُ الزَّوْجِ امْرَأَتَهُ الْمَجْنُونَةَ فَإِنَّمَا سَقَطَتِ النِّيَّةُ عَنْهُ، لِأَنَّ غُسْلَهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ إِصَابَتَهَا لَمَا وَجَبَ غَسْلُهَا، وَلَيْسَ كذلك غسل الميت لأنه قد استحق تعبد الله ﷻ. والله أعلم.
مسألة
قال الشافعي ﵁: وَإِنْ تَوَضَّأَ لِنَافِلَةٍ أَوْ لِقِرَاءَةِ مُصْحَفٍ أَوْ لِجَنَازَةٍ أَوْ لِسُجُودِ قُرْآنٍ أَجْزَأَهُ أَنْ يُصَلِّيَ به الفريضة ".
قال الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:
أَحَدُهَا: فِي مَحَلِّ النِّيَّةِ.
وَالثَّانِي: فِي زَمَانِ النِّيَّةِ.
وَالثَّالِثُ: فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ.
وَالرَّابِعُ: فِيمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ.
1 / 91