57

Le Grand Hawi

الحاوي الكبير

Chercheur

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1419 AH

Lieu d'édition

بيروت

أَحَدُهَا: يَكُونُ مِلْكًا لِرَبِّهِ دُونَ دَابِغِهِ كَالْخَمْرِ المنقلب خلا في يد أحده يكون ملكه لِرَبِّهِ دُونَ مَنْ صَارَ خَلًّا فِي يَدِهِ. والوجه الثاني: يكون ملكا لدباغه دون ربه كالمحيي أرضا مَوَاتٍ بَعْدَ إِجَازَةِ غَيْرِهِ يَكُونُ مِلْكًا لِمَنْ أَحْيَاهَا دُونَ مَنْ أَجَازَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ رَبُّ الْجِلْدِ قَدْ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ فَأَخَذَهُ الدَّابِغُ فَدَبَغَهُ كَانَ مِلْكًا لدَابِغِهِ دُونَ رَبِّهِ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ فَغَصْبُهُ إِيَّاهُ كَانَ مِلْكًا لِرَبِّهِ دُونَ دَابِغِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يُوصَفُ بِثُبُوتِ الملك عليه وإنما يوصف الْيَدِ عَلَيْهِ فَإِذَا رَفَعَ يَدَهُ زَالَتْ صِفَةُ استحقاقه. فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا مِنْ طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغَةِ تَعَلَّقَ الْكَلَامُ بِفَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بَيَانُ حُكْمِهِ قَبْلَ الدِّبَاغَةِ. وَالثَّانِي: بَيَانُ حُكْمِهِ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ. فَأَمَّا مَا قَبْلَ الدِّبَاغَةِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْيَابِسَاتِ دُونَ الذَّائِبَاتِ وَيَجُوزُ هِبَتُهُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا رَهْنُهُ. وَقَالَ أبو حنيفة: يَجُوزُ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ مَا أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ بَعْدَ نَجَاسَتِهِ جَازَ بَيْعُهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ. وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] . لأن الْأَعْيَانَ النَّجِسَةَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا كَالْعُذْرَةِ. وَأَمَّا الثَّوْبُ فَهُوَ طَاهِرُ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا جَاوَرَتْهُ النَّجَاسَةُ فجاز بيعه لأن العذرة تَتَنَاوَلُ عَيْنًا ظَاهِرَةً وَإِنْ جَاوَرَتْهَا نَجَاسَةٌ وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ الطَّاهِرُ إِذَا جَاوَرَتْهُ نَجَاسَةٌ. فَصْلٌ فَأَمَّا بَعْدَ الدِّبَاغَةِ فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَرَهْنِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]، وَلِأَنَّ إِبَاحَةَ الِانْتِفَاعِ بِالْمَيْتَةِ لَا تَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهَا كَالْمُضْطَرِّ إِلَى أَكْلِهَا، وَلِأَنَّ تَأْثِيرَ الدِّبَاغَةِ إِنَّمَا هُوَ التَّطْهِيرُ وَلَيْسَ التَّطْهِيرُ عِلَّةً فِي جَوَازِ الْبَيْعِ كَ " أُمِّ الْوَلَدِ ". وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة: إِنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ جِلْدٌ طَاهِرٌ فَجَازَ بَيْعُهُ كَ " الْمُزَكَّى " وَلِأَنَّ حُدُوثَ النَّجَاسَةِ إِذَا مَنَعَ مِنْ جواز البيع كان مأذونا بِجَوَازِ الْبَيْعِ كَنَجَاسَةِ الْخَمْرِ إِذَا ارْتَفَعَتْ بِانْقِلَابِهَا خَلًّا، وَلِأَنَّ دِبَاغَةَ الْجِلْدِ قَدْ أَعَادَتْهُ إِلَى حُكْمِ الْحَيَاةِ فَلَمَّا كَانَ بَيْعُهُ فِي الْحَيَاةِ جائز اقتضى أن يكون بعد الدباغة جائز. فَأَمَّا الْآيَةُ فَمَخْصُوصَةٌ، وَأَمَّا الْمُضْطَرُّ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّمَا اسْتَبَاحَهَا لِمَعْنًى فِيهِ لَا فِي الْمَيْتَةِ وَاسْتِبَاحَةُ الْجَلْدِ لِمَعْنًى فِي الْجِلْدِ لَا في المستبيح.

1 / 65