Le Grand Hawi
الحاوي الكبير
Chercheur
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1419 AH
Lieu d'édition
بيروت
بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَعَ عُمُومِ النَّهْيِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ الْبِلَادِ، فَأَمَّا مَا حَمِيَ بِالشَّمْسِ ثُمَّ بَرُدَ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى حَالِ الْكَرَاهَةِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ لَهُ قَبْلَ الْبَرْدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ كَانَ لِأَجْلِ الْحَمْيِ، فَإِذَا زَالَ الْحَمْيُ زَالَ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ، وَكَانَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ إِلَى عُدُولِ الطِّبِّ فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ بَعْدَ بَرْدِهِ يُورِثُ الْبَرَصَ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُورِثُ الْبَرَصَ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا، وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِغَيْرِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ في الشريعة، لأن من الطِّبِّ مَنْ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَلَا يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِ فِيهِ.
فَصْلٌ
فَإِذَا ثَبَتَ كَرَاهَةُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ فَإِنَّمَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا يُلَاقِي الْجَسَدَ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ، وَإِزَالَةِ نَجَسٍ أَوْ بَرَدٍ، أَوْ تَنْظِيفٍ، أَوْ شُرْبٍ، سَوَاءٌ لَاقَى الْجَسَدَ فِي عِبَادَةٍ أَوْ غَيْرِ عِبَادَةٍ، فَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَا يُلَاقِي الْجَسَدَ مِنْ غَسْلِ ثَوْبٍ أَوْ إِنَاءٍ أَوْ إِزَالَةِ نَجَاسَةٍ عَنْ أَرْضٍ، فَلَا يُكْرَهُ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ، وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِمُلَاقَاةِ الْجَسَدِ دُونَ غَيْرِهِ، فأما إن استعماله فِي طَعَامٍ يُرِيدُ أَكْلَهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ يَبْقَى فِي الطَّعَامِ كَالْمُرِّيِّ بِهِ فِي الطَّبْخِ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْقَى مَا يُعَافِيهِ كَالدَّقِيقِ الْمَعْجُونِ بِهِ، أَوِ الْأُرْزِ الْمَطْبُوخِ به لم يكره.
مسألة
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ مَاءِ وَرْدٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ عَرَقٍ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُعْتَصَرًا مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ، أَوْ وَرَقٍ، كماء الورد والبقول الفواكه فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي حَدَثٍ، وَلَا نَجَسٍ وَحُكِيَ عَنِ ابن أبي ليلى والأصم أنه طاهر يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، وَقَالَ أبو حنيفة: يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي إِزَالَةِ النَّجَسِ دُونَ الْحَدَثِ، فَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَصَمُّ فَاسْتَدَلَّا بِأَنَّهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا كَالْمَاءِ، قَالُوا: وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى: أَوْدَعَ كُلَّ مَاءٍ مَعْدِنًا وَأَوْدَعَ هَذِهِ الْمِيَاهَ فِي النَّبَاتِ كَمَا أَوْدَعَ غَيْرَهَا فِي الْعُيُونِ وَالْآبَارِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ حُكْمُهَا فِي التَّطْهِيرِ بِاخْتِلَافِ مَعَادِنِهَا كَسَائِرِ الْمِيَاهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ تَخْصِيصُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَاءَ
1 / 43