Le Grand Hawi
الحاوي الكبير
Chercheur
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1419 AH
Lieu d'édition
بيروت
حنيفة. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِنْ فَرَّقَهُ لِعُذْرٍ جَازَ، وَإِنْ فَرَّقَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ. وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنَّ مُطْلَقَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) ﴿المائدة: ٦) . يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَالتَّعْجِيلَ وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ التَّأْجِيلِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - تَوَضَّأَ عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ قَالَ: " هَذَا وضوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ " يَعْنِي إِلَّا بِمِثْلِهِ فِي الْمُوَالَاةِ، وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَبِيِّ ﷺ َ - وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ عَلَى قَدَمَيْهِ مِثْلَ مَوْضِعِ الظُّفُرِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ َ -: " ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ " وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَرْجِعُ فِي حَالِ الْعُذْرِ إِلَى شَطْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْمُوَالَاةُ مِنْ شَرْطِهَا كَالصَّلَاةِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ هُوَ أَنَّ التَّفْرِيقَ لَا يَمْنَعُ مِنَ امْتِثَالِ الْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ . فَوَجَبَ أَلَّا يَمْنَعَ مِنَ الْإِجْزَاءِ، فَإِنْ قِيلَ فَالْأَوَامِرُ تَقْتَضِي الْفَوْرَ قِيلَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا خِلَافٌ، وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي مَنْزِلِهِ وَفِي رِجْلَيْهِ خُفَّانِ فَلَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَحَضَرَتْ جنازة فدعى بِمَاءٍ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ فِي تَطْهِيرٍ فَجَازَ كَالتَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ وَلِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ جَازَ فِيهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ جَازَ فِيهَا التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ كَالْحَجِّ طَرْدًا، وَالصَّلَاةِ عَكْسًا، وَلِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ جَازِ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَبْعَاضِهَا جَازَ تَفْرِيقُ أَبْعَاضِهَا كَالزَّكَاةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ تَفْرِيقُ نِيَّةِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا يُؤَدِّيهِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، جَازَ تَفْرِيقُ مَا يُؤَدِّيهِ فِي زَمَانٍ بَعْدَ زَمَانٍ كَذَا الْوُضُوءُ لَمَّا جَازَ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَعْضَائِهِ جَازَ تَفْرِيقُ النية على أَعْضَائِهِ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ فَالْحُكْمُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ سَوَاءٌ وَتَفْرِيقُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
فَأَمَّا تَفْرِيقُ التَّيَمُّمِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَطَائِفَةٌ يُخَرِّجُونَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ كَتَفْرِيقِ الْوُضُوءِ سَوَاءٌ، وَكَانَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا يَمْنَعُونَ مِنْ تَخْرِيجِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ وَيُبْطِلُونَهُ بِالتَّفْرِيقِ قَوْلًا وَاحِدًا وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَعْجِيلَ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ مُسْتَحَقٌّ وَتَعْجِيلَ الْوُضُوءِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1 / 137