في «مسلم» (^١) في باب النهي عن الوصال
عن أنس قال: كان رسول الله ﵌ يصلِّي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل آخر فقام أيضًا حتى كنا رهطًا، فلما حسَّ النبي ﵌ أنّا خلفه جعل يتجوَّز في الصلاة ثم دخل رحله فصلى صلاة لا يصلِّيها عندنا. قال: قلنا له حين أصبحنا: أفطِنْتَ لنا الليلة؟ قال: فقال: «نعم، فذلك الذي حملني على الذي صنعت» ....
أقول: فيه صلاة النبي ﵌ النافلة في المسجد لغير حاجة.
فإن قيل: يحتمل أن يكون معتكفًا.
قلتُ: المعتكف تكون حجرته في المسجد بمنزلـ[ـة] بيته، فيصلِّي النفل فيها، لا في باقي المسجد. وصلاته ﵌ في هذا الحديث كانت في غير المعتكَف لقوله: «ثم دخل رحله فصلَّى».
فإن لم يكن معتكفًا فالمراد دخل بيته. وإن كان معتكِفًا فالمراد دخل معتكَفه؛ لأن المعتكِف لا يدخل بيته. وعلى التقديرين (^٢) فالصلاة كانت في المسجد في غير الحجرة المعتكَف [فيها].
فإن قيل: لعلَّه لبيان الجواز.
قلتُ: الذي يُفعل لبيان الجواز إنما يكون في مظنَّة مشاهدة الناس، وظاهر السياق هنا يخالف ذلك.