وأيضًا: الإيمانُ ثابتٌ في الحالِ قطعًا مِن غيرِ شَكٍّ، لكنَّ الإيمانَ الَّذِي هو عَلَمُ الفوزِ وآيَةُ النَّجاةِ إيمانُ المُوافاةِ، فاعتنى السَّلَفُ به وقرنوه بالمشيئةِ ولم يَقْصدوا الشَّكَّ في الإيمانِ النَّاجزِ.
وأمَّا الإسلامُ، فلا يَجوزُ الاستثناءُ فيه بل يُجْزَمُ (^١) به.
تنبيهٌ: الإيمانُ: هل هو مرادفٌ للإسلامِ، أو مباينٌ له، أو بينَهما عمومٌ وخصوصٌ مِن وجهٍ؟
فيه خلافٌ مشهورٌ، والصَّحيحُ -الَّذي عليه أكثرُ السَّلَفِ وغيرُهم- أنَّ بينَهما فرقًا، وليسَا بمُتَّحِدَيْنِ، ومِنَ الدَّليل على أنَّ الإسلامَ غيرُ الإيمانِ: سؤالُ جبْريلَ (^٢) ﵇ للنَّبِيِّ ﷺ عنِ الإيمانِ والإسلامِ والإحسانِ، وتفسيرُ كلِّ واحدٍ بغيرِ ما فُسِّرَ به الآخَرُ، وقد قَالَ: النَّبيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ» (^٣) هذا إذا جَمَعْنا بينَهما.
وأمَّا إذا أُفْرِدَ الإيمانُ فإنَّه يَتَضَمَّنُ الإسلامَ، وإذا أُفْرِدَ الإسلامُ فيَكونُ مع الإسلامِ مُؤْمِنًا بلا نزاعٍ، وهل يَكونُ مُسْلِمًا، وَلَا يُقالُ له: مُؤمنٌ؟
قالَ في: «نهاية المُبتدئينَ» (^٤): كلُّ مُؤمِنٍ مُسلِمٌ، وَلَيْسَ كلُّ مُسلمٍ مُؤمِنًا.
قالَ الإمامُ أحمدُ ﵀: الإيمانُ غيرُ الإسلامِ.