192

البرهان في وجوه البيان

البرهان في وجوه البيان

Chercheur

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

Maison d'édition

مكتبة الشباب (القاهرة)

Lieu d'édition

مطبعة الرسالة

Genres

عرا الإيمان الحب في الله ﷿ والبغض فيه"، والذي تخال به مودة ذي العصمة ألا يرى أخاه مفارقًا لما جمعهما عليه الدين في سر وعلانية.
وأما المودة للمنفعة في الدنيا فتتأكد بتأكد الأسباب الموجهة لها، ويزيد فيها الإحسان والإفضال، كما قال النبي ﷺ: "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها" وينمي ذلك ويزيد في البشر والطلاقة والكلمة الطيبة، فإنه يروى عن رسول الله ﷺ: "إنكم لم تسعوا للناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم".
وفي حديث آخر "بالبشر وطلاقة الوجوه"، وقد قال الله ﷿: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾.
وقال أمير المؤمنين ﵇: "من لانت كلمته وجبت محبته" والذي يجوز به الإنسان هذه المودة ممن يرومها منه هو أن يرى الله مواسيًا بما يقدر عليه، فقد قال أرسطاطاليس: "ليس مع الإيثار بغضة، ولا مع الاستكثار محبة"، وأن يكون متابعًا له فيما يقوده إليه، فإن الخلاف أذى، والأذى مخالف للهوى، وقد قال الشاعر:
(يُحَبُّ ويُدنَيِ مَن يَقلُّ خِلافُهُ ... وليس بمحمودٍ حبيبٌ مُخالِفُ)
وقال آخر فأحسن:
(فإني رأيت الحبَّ في الصدرِ والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبُّ يَذهَبُ)

1 / 239