البشارة العظمى للمؤمن بأن حظه من النار الحمى
البشارة العظمى للمؤمن بأن حظه من النار الحمى
Chercheur
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
Maison d'édition
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Genres
وَأَرْسَلْتُ الطَّاعُونَ إِلَى الشَّامِ، فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي، وَرَحْمَةٌ لَهُمْ، وَرِجْزٌ عَلَى الْكَافِرِين".
ولا ينافي هذا ما في "الصحيح" (١) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ (٢) يَقُولُ:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
اللَّهُمَّ العَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الوَبَاءِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ، كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ».
قَالَتْ: وَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا -تَعْنِي مَاءً آجِنًا (٣).
فإن المراد بالحمى في هذا الحديث الوباء، وهو وخم الأرض وفسادها وفساد مائها وهوائها، المقتضي للمرض، وقد نقل ذلك من المدينة إِلَى الجحفة، كما في "صحيح البخاري" (٤) عن ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: «رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةٍ" -وَهِيَ الجُحْفَةُ- فَأَوَّلْتُهَا وَبَاءَ المَدِينَةِ يُنْقَلُ إِلَى الجُحْفَةِ».
_________
(١) أخرجه البخاري (١٨٨٩)، ومسلم (١٣٧٦).
(٢) أي صوته. قيل: أصله أن رجلًا قطعت رجله، فكان يرفع المقطوعة عَلَى الصحيحة ويصيح من شدة وجعها بأعلى صوته، فقيل لكل رافع صوته: رفع عقيرته. "النهاية". (٣/ ٢٧٥).
(٣) الماء الآجن: أي الماء المتغير الطعم واللون. "النهاية" (١/ ٢٦).
(٤) برقم (٧٠٣٨). قال الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٤٤٤): وأظن قوله: "وهي الجحفة" مدرجًا من قول موسى بن عقبة.
2 / 382