وأما اتصافه بصفتي السمع والبصر، فدليل ذلك أنه قد ثبتت له سبحانه صفة الحياة، ووجود حي خال من الاتصاف بما يدرك المسموع والمرئي ومن الاتصاف بالآفة المانعة من ذلك أمر مستحيل، ويستحيل وصفه بالآفة من هذين الوصفين، لأن ذلك يقتضي كونه ممنوعًا، والممنوع لا بد له من مانع، وذلك من صفات المحدثين، والله تعالى منزه عن ذلك.
وفي بيان هذا الاستدلال يقول البيهقي ﵀: "فإن قال قائل: وما الدليل على أنه سميع بصير؟ قيل: لأنه حي، ويستحيل وجود حي يتعرى عن الوصف بما يدرك المسموع والمرئي أو بالآفة المانعة منه، ويستحيل تخصيصه من أحد هذين الوصفات بالآفة، لأنها منع والمنع يقتضي مانعًا وممنوعًا، ومن كان ممنوعًا كان مغلوبًا، وذلك من صفات المحدث، والبارئ قديم لم يزل، فهو سميع بصير لم يزل ولا يزال"١.
رأما دليل اتصافه بالكلام فهو ثبوت الحياة له أيضًا، وثبوت عدم وجود آفة تمنعه من الكلام، وكل حي خلا من ذلك فلا بد وأن يكون متكلمًا كما أن مخاطبته سبحانه لخلقه على لسان نبيه بالأمر والنهي، دليلًا على اتصافه بهذه الصفة.
ولبيان ذلك يقول: "فإن قال قائل: وما الدليل على أنه متكلم؟ قيل: لأنه حي ليس بساكت، ولا به آفة تمنعه من الكلام، وكل حي كان كذلك كان متكلمًا، ولأنه يستحيل لزوم الخطاب، ووجود الأمر عمن لا يصح منه الكلام، فوجب أن يكون متكلمًا"٢.
١ المصدر نفسه.
٢ الجامع لشعب الإيمان١/ ل١٧.