101

Al-Bayhaqi et sa position sur la théologie

البيهقي وموقفه من الإلهيات

Maison d'édition

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٢٣ هـ/٢٠٠٢ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

ثم يلتفت البيهقي بعد ذلك إلى خلق الإنسان، ومروره بأطوار مختلفة، يستحيل عليه أن يمر بها بتقدير من نفسه وتدبير من ذاته حيث قال: "وقد بين الله تعالى في كتابه العزيز، تحول أنفسنا من حالة إلى حالة، وتغيرها، ليستدل بذلك على خالقها، ومحولها، فقال: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ ١. وقال ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾ ٢.
فالإنسان إذا فكر في نفسه، رآها مدبرة وعلى أحوال شتى مصرفة كان نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم لحمًا وعظمًا، فيعلم أنه لم ينقل نفسه من حال النقص إلى حال الكمال، لأنه لا يقدر أن يحدث لنفسه في الحال الأفضل، التي هي حال كمال عقله، وبلوغ أشده، عضوًا من الأعضاء ولا يمكنه أن يزيد في جوارحه جارحة، فيدله ذلك على أنه في حال نقصه وأوان ضعفه عن فعل ذلك أعجز، وقد يرى نفسه شابًا، ثم كهلًا، ثم شيخًا، وهو لم ينقل نفسه من حال الشباب والقوة، إلى الشيخوخة والهرم ولا اختاره لنفسه، ولا في وسعه أن يزايل حال المشيب، ويراجع قوة الشباب، فيعلم بذلك أن ليس هو الذي فعل هذه الأفعال بنفسه وأن له صانعًا صنعه، وناقلًا نقله من حال إلى حال، ولولا ذلك لم تتبدل أحواله بلا ناقل، ولا مدبر"٣.

١ سورة نوح آية: ١٣-١٤.
٢ سورة المؤمنون آية: ١٢-١٥.
٣ الاعتقاد ص:٩.

1 / 126