Al-Athar Al-Thameen Fi Nusrat Aisha Umm Al-Mu'mineen
الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
Maison d'édition
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
Lieu d'édition
عمان
Genres
ويوم الخَنْدَقِ خَرَجَت ﵂ تقْفُو آثَارَ النَّاسِ، قَالَتْ: "فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأرْضِ وَرَائِي - يَعْنِي حِسَّ الْأَرْضِ - قَالَتْ: فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، يَحْمِلُ مِجَنَّهُ. قَالَتْ: فَجَلَسْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ، قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ. قَالَتْ: وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ. قَالَتْ: فَمَرَّ وَهُوَ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ:
لَبِّثْ (^١) قَلِيلًا يُدْرِكُ الْهَيْجَا حَمَلْ (^٢) مَا أَحْسَنَ المَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ
قَالَتْ: فَقُمْتُ، فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَإِذَا فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ (^٣) لَهُ - يَعْنِي مِغْفَرًا - فَقَالَ عُمَرُ: مَا جَاءَ بِكِ؟ لَعَمْرِي وَالله إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ، وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ بَلَاءٌ، أَوْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ (^٤)؟
قَالَتْ: فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ لِي سَاعَتَئِذٍ، فَدَخَلْتُ فِيهَا. قَالَتْ: فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ الله، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، وَيْحَكَ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَو الفِرَارُ إِلَّا إِلى الله ﷿؟ " (^٥).
_________
(^١) انْتَظِر.
(^٢) حَمَلُ بنُ سَعْدانَةَ صحابيّ شاعر شَهِد مَعَ خالدِ مَشاهِدَه كُلَّها، والبيت الّذي تمثّل به سعد له.
(^٣) شَيْءٌ مِنْ حَلَق الدُّرُوع والزَّرَدِ يَعْلُقُ بالخُوذةِ دَائِرًا مَعَهَا ليسْتُر الرقبةَ.
(^٤) التَّحَوُّز: التَّنَحِّي.
(^٥) أحمد "المسند" (ج ١٧/ص ٥١٠) وسنده حسن، وذكره الهيثمي في "مجمع الزّوائد"، وقال: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ: (ج ٦/ص ١٣٧) وحسّنه الحافظ في "الفتح" (ج ١١/ص ٤٣)، والألباني في "الصّحيحة" (ج ١/ص ١٤٤).
1 / 51