49

الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية - ط المكتب الإسلامي

الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية - ط المكتب الإسلامي

Enquêteur

زهير الشاويش

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Édition

الثالثة

Année de publication

١٤٠٠

Lieu d'édition

بيروت

Genres

الْفِعْل من الشَّيْخ فِيهِ إِضَاعَة المَال اَوْ نوع من التبذل الَّذِي يشين الْمُرُوءَة وَلَيْسَ الامر كَذَلِك فَإِنَّهُ لم يكن عِنْده حِينَئِذٍ مَعْلُوم غير ثِيَابه وَرَأى أَن قطع غير الْعِمَامَة من بَقِيَّة لِبَاسه مِمَّا يُفْسِدهُ وَلَا يحصل بِهِ الْمَقْصُود وَلم يكن عَلَيْهِ وَلَا عِنْده حِينَئِذٍ ثوب صَحِيح لَا يحْتَاج اليه حَتَّى يَدْفَعهُ اليه فسارع الى قطع مَا يسْتَغْنى بِبَعْضِه عَن كُله فِيمَا وضع لَهُ وَهُوَ الْعِمَامَة فنفع أَخَاهُ الْمُسلم وسد حَاجته حِينَئِذٍ بِبَعْضِهَا وَاسْتغْنى هُوَ بباقيها وَهَذَا هُوَ أكمل التَّصَرُّف الصَّالح والرشد التَّام
والجود الْمَذْكُور الْمَشْهُور والايثار بالميسور وَأما التبذل الَّذِي فِيهِ نوع إِسْقَاط الْمُرُوءَة فَلَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل فِي شَيْء بل هَذَا من الْمُبَالغَة فِي التَّوَاضُع وَعدم رُؤْيَة النَّفس فِي مَحل الاحتشام ورفض أرادة الْمَرْء تَعْظِيم نَفسه بِحَضْرَة الْحَاضِرين وَهَذِه خِصَال محمودة مَطْلُوبَة شرعا وعقلا
وَقد رُوِيَ مثل ذَلِك عَن سيد الانام وأكمل الْخلق مُرُوءَة وعقلا وعلما مُحَمَّد الْمُصْطَفى ﷺ انه لبس يَوْمًا شملة سَوْدَاء لَهَا حواش بيض وَخرج إِلَى الْمَسْجِد وَجَمَاعَة من الْمُسلمين حُضُور فَرَآهُ إِنْسَان فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطِنِي هَذِه الشملة وَكَانَ ﷺ لَا يمْنَع سَائِلًا يسْأَله فنزعها رَسُول الله ﷺ عَن كريمه المكرم وَدفعهَا الى ذَلِك

1 / 64