297

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Enquêteur

خالد بن عثمان السبت

Maison d'édition

دار عطاءات العلم (الرياض)

Édition

الخامسة

Année de publication

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lieu d'édition

دار ابن حزم (بيروت)

Genres

فيه إلا بالوحيِ، كما جَاءَتْ قصصٌ متعددةٌ أنه إذا جاءَه الأمرُ لا وحيَ فيه: كَفَّ عنه وَأَحْجَمَ، ينتظرُ حكمَ اللَّهِ فيه، حتى يأتيَه الوحيُ فيه، وأن مثلَ الحروبِ كما ذَكَرْنَا في قصةِ بدرٍ، وَمَنْ أُسِرَ منهم هنالكَ، والأمور الدنيوية، أنه ربما يفعلُ فيها الأمرَ، ولا يفعلُه إلا جائزًا؛ لدلالةِ ظواهرِ الشرعِ عليه. إلا أنه رُبَّمَا يكون غيرُه أَوْلَى منه؛ ولهذا يقولُ اللَّهُ: لِمَ فَعَلْتَ كذا؟ من حيثُ إن غيرَه أَوْلَى منه، وإن كان جائزًا. وهذا معنَى قولِه: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾.
ثم أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أن يقولَ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ [الأنعام: آية ٥٠]. الله ﵎ ذَكَرَ طائفتين من الناسِ، طائفةٌ ذَكَرَهَا في قولِه: ﴿فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأنعام: آية ٤٨] وطائفةٌ ذَكَرَهَا بقولِه: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ﴾ [الأنعام: آية ٤٩] فهؤلاء الذين عَمُوا عن طريقِ الحقِّ حتى دَخَلُوا النارَ، هؤلاء - والعياذُ بالله - عُمْيٌ، وهؤلاء الذين أَبْصَرُوا فَعَمِلُوا لله حتى دَخَلُوا الجنةَ، فهؤلاء هم الْمُبْصِرُونَ، كما قال تعالى في سورةِ هودٍ يضربُ المثلَ بفريقِ الكفارِ وفريقِ المؤمنين: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾ [هود: آية ٢٤] فالأَعْمَى والأَصَمُّ: هو فريقُ الكفارِ، والسميعُ والبصيرُ: هو فريقُ المؤمنين، كما قال هنا: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ [الأنعام: آية ٥٠] لَا وَاللَّهِ لا يستويانِ، فالأَعْمَى هو مَنْ طَمَسَ اللَّهُ بصيرتَه ولم يُنَوِّرْ قلبَه بنورِ الإيمانِ؛ لأَنَّ اللَّهَ يقولُ: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ وَمَنْ أَرَادَ أن يعرفَ معنَى هذه الآيةِ ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: آية ٤٦] فَلْيَنْظُرْ إلى رَجُلَيْنِ يمشيانِ في الطريقِ، أحدُهما: صحيحُ العينين قويُّ البصرِ،

1 / 301