280

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Enquêteur

خالد بن عثمان السبت

Maison d'édition

دار عطاءات العلم (الرياض)

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lieu d'édition

دار ابن حزم (بيروت)

Genres

امتثلَ الأوامرَ، واجتنبَ النواهيَ، هذا الْقِسْمُ من الناسِ هم المُبَشَّرونَ الذين فيهم: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَاّ مُبَشِّرِينَ﴾ وقال اللَّهُ فيهم: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ يعني يومَ القيامةِ: ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
و(الخوفُ) في لغةِ العربِ: هو الغَمُّ من أمرٍ مستقبلٍ خاصةً.
و(الحزنُ) في لغةِ العربِ: هو الغمُّ من أمرٍ قد فاتَ وَمَضَى. تقولُ: «فلانٌ أُصِيبَ بالأمسِ، فهو اليومَ حزينٌ» وتقولُ: «فلانٌ خائفٌ» أي: يَغْتَمُّ مِنْ أمرٍ مستقبلٍ. هذا أصلُه معنى (الخوفِ) ومعنى (الحزنِ) (^١) - أَعَاذَنَا اللَّهُ والمسلمين منهما - وربما وُضِعَ أحدُهما موضعَ الآخَرِ، وربما أَطْلَقَتِ العربُ (الخوفَ) على غيرِ (الحزنِ)، وَمِنْ إطلاقاتِ العربِ الخوفَ: إطلاقُها الخوفَ على العلم (^٢)، تقولُ العربُ: «إِنِّي أخافُ أن يقعَ كذا» بمعنى: أعلمُ أن يقعَ كذا، وقد بَيَّنَّا هذا المعنَى في سورةِ البقرةِ في الكلامِ على قولِه: ﴿إِلَاّ أَنْ يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: آية ٢٢٩] قال بعضُ العلماءِ معنَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا﴾ أي: فإن عَلِمْتُمْ ألَاّ يقيما حدودَ اللَّهِ. ومن إطلاقِ (الخوفِ) لَا بمعنَى (الحزنِ)، بل بمعنَى العلمِ اليقينيِّ: قولُ أبي مِحْجَنٍ الثقفيِّ في بَيْتَيْهِ المشهورين (^٣):
إِذَا مُتُّ فَادْفِنِّي إِلَى جَنْبِ كَرْمَةٍ ... تُرَوِّي عِظَامِي فِي الْمَمَاتِ عُرُوقُهَا

(^١) في الفرق بين الخوف والحزن انظر: القرطبي (١/ ٣٢٩)، الكليات ص ٤٢٨.
(^٢) الكليات ص ٤٢٩، الخزانة (٣/ ٥٥٠ - ٥٥١)، الدر المصون (٢/ ٢٦٤ - ٢٦٥).
(^٣) البيتان في الخزانة (٣/ ٥٥٠)، الدر المصون (٢/ ٢٦٥)، الكامل لابن الأثير (٢/ ٣٣١)، الإصابة (٤/ ١٧٥).

1 / 284