241

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Enquêteur

خالد بن عثمان السبت

Maison d'édition

دار عطاءات العلم (الرياض)

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lieu d'édition

دار ابن حزم (بيروت)

Genres

تأنيثًا لَفْظِيًّا، وأكثرُ العلماءِ (^١) على أن (البأساءَ): هي ما كان من جهةِ الفقرِ، والفاقةِ والجوعِ وضياعِ الأموالِ. وأن (الضراءَ): هي ما كان من قبيلِ أمراضِ الجسومِ وآلامِها وما يقعُ فيها. والمعنى: أَنَّا ابتليناهم بالضرِّ في أموالِهم وفي أبدانِهم فَأَفْقَرْنَاهُمْ، وأعدمنا أموالَهم، حتى صَارُوا في جوعٍ وفي فقرٍ وفي فاقةٍ اختبرناهم بهذا لِيُنِيبُوا إلى اللَّهِ ويبتهلوا إليه، فلم يَنْفَعْ فيهم هذا الاختبارُ بالشَّرِّ، فلما لم يَنْجَحْ فيهم هذا الاختبارُ بالشَّرِّ ابتليناهم بالخيرِ، وَبَدَّلْنَا عنهم السيئةَ بالحسنةِ، فجعلنا لهم مكانَ المرضِ صحةً وعافيةً، ومكانَ الفقرِ غِنًى، ومكانَ الجوعِ شِبَعًا، فلم يَنْفَعْ فيهم هذا أيضًا. والله (جل وعلا) يبتلي خلقَه بالشرِّ والخيرِ ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: آية ٣٥] ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: آية ١٦٨].
وهذه الآيةُ الكريمةُ - من سورةِ الأنعامِ - بَيَّنَتْ أن اللَّهَ إذا أرسلَ رسولًا إلى قومٍ ابْتَلَاهُمْ أولًا بالشدائدِ، فَسَلَّطَ عليهم الفقرَ والجوعَ والفاقةَ فإذا لم يَنْفَعْ فيهم هذا أزالَ عنهم ذلك وأغناهم وصحَّحهم وأغدقَ عليهم نِعَمَ الدنيا، حتى يُهْلِكَهُمْ وهم في غفلةٍ، فِي أَشَدِّ وَقْتٍ غفلةً وَبَطَرًا - والعياذُ بالله - وقد صَرَّحَ تعالى في سورةِ الأعرافِ أن هذا النوعَ من الابتلاءِ - المبدوءَ بالابتلاءِ بالشرِّ ثم الابتلاءِ بالخيرِ - عَامٌّ في جميعِ الأممِ التي أُرْسِلَتْ إليها الرسلُ، وهنا - في الأنعامِ - لم يأتِ بصيغةٍ عَامَّةٍ، وإنما قال: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّنْ قَبْلِكَ﴾ [الأنعام: آية ٤٢] وقوله: ﴿أُمَمٍ﴾ جَمْعٌ مُنَكَّرٌ.

(^١) انظر: ابن جرير (٣/ ٣٤٩ - ٣٥٠)، (٤/ ٢٨٨)، (١١/ ٣٥٤)، القرطبي (٦/ ٤٢٤).

1 / 245